لم يكن موت الرئيس المعزول محمد مرسي في جلسات محاكمته حالة عابرة أو جملة اعتراضية في سياق عالم السجون المصرية، فالقتل الممنهج والتعذيب والإماتة بالإهمال أدوات مستخدمة داخل هذه السجون والتي صممت لتكون المكان الوحيد المتاح لممارسة أنشطة المعارضة ضد النظام المصري.
فمنذ نظام عبدالناصر ووصولا لعهد نظام عبدالفتاح السيسي صممت شبكات السجون المصرية وسياساتها الداخلية لتكون ثقبا أسود يبتلع عددا لا محدودا من المعارضين ومن لديهم أقوال أخرى في مجريات الأحداث. مع نهاية عصر مبارك، كان عدد السجون المصرية العمومية المعروفة رسميا قد بلغ 43 من السجون العمومية والليمانات، والأخيرة تستخدم لتنفيذ أحكام السجن المشدد، إضافة إلى أكثر من 120 سجنا مركزيا تستخدم لتنفيذ أحكام السجن البسيط، فضلا عن عشرات من أماكن أخرى تم تقنين الاحتجاز بها وفق قرارات خاصة صدرت من رئيس الجمهورية أو وزير الداخلية، كما نصت قوانين السجون المصرية، مشكلة بذلك شبكة سجون عملاقة قادرة على استيعاب الآلاف من السجناء في أدنى الأحوال. أثبت القمع في مصر عبر تاريخه أنه لا يحتاج إلى تشريعات لتقنينه، كما أن أي تشريعات لم تكن قادرة على سبر أغوار تلك الأوديسا المظلمة التي صممت بشكل خاص لإخضاع البشر تماما، وربما لابتلاعهم دون رجعة إذا لزم الأمر.