“أربعاء الغضب”.. بريطانيا تستعد لأكبر إضراب عمالي منذ 10 سنوات

تستعد بريطانيا لمواجهة موجة جديدة من الإضرابات التي ستبدأ غدا الأربعاء، وستتواصل خلال أيام متقطعة خلال شهري فبراير ومارس المقبلين، وينتظر أن يشارك فيها نحو نصف مليون موظف لأسباب مختلفة منها الأجور والوظائف وظروف العمل.

وينتظر أن يكون يوم غد الأربعاء أكبر يوم للإضراب في بريطانيا منذ أكثر من عقد، ويشمل ما يقدر بنحو 100000 موظف مدني من الإدارات الحكومية والموانئ والمطارات ومراكز اختبار القيادة، مع مئات الآلاف من المعلمين في المدارس والمحاضرين الجامعيين بجميع أنحاء إنجلترا وويلز، فضلا عن سائقي القطارات، وبات قطاع رجال الإطفاء أحدث القطاعات التي قررت بأغلبية ساحقة الانضمام للإضراب احتجاجا على الأجور وسط أزمة غلاء المعيشة.

وتأتي موجة الإضرابات الجديدة التي تتسع رقعتها، خصوصا بعد فشل المحادثات بين النقابات وحكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك حول زيادة الأجور.

وستؤدي الإضرابات المرتقبة لإغلاق المدارس، الأمر الذي سيجبر الآباء العاملين على البقاء بالمنزل، وتوقف معظم شركات القطارات عن مواصلة خدماتها، وإلغاء الفصول الجامعية، وتعطيل خدمات السكك الحديدية والكثير من خدمات القطاع العام، وسيواجه المسافرون مزيدا من فوضى السفر عندما يضرب موظفو حرس الحدود في كل مطار وميناء هناك، ويشمل ذلك ميناء دوفر، أكثر الموانئ ازدحاما في بريطانيا، حيث حذرت نقابة الخدمات العامة والتجارية من مشكلات “كبيرة” محتملة للشحن وحركة المرور.

وقالت نقابات العمال: إن يوم غد سيكون يوما مهما للعمال، متوقعة مشاركة أكبر عدد من المضربين في الاحتجاجات الجديدة، وأعربت عن أملها بأن يبعث الإضراب إشارة واضحة للحكومة البريطانية بعدم جواز تجاهل مطالب زيادة الأجور.

كما ستنظم احتجاجات في جميع أنحاء بريطانيا غدا الأربعاء، الذي وصف بـ “أربعاء الغضب”، ضد خطط الحكومة المثيرة للجدل لقانون جديد بشأن الحد الأدنى من مستويات الخدمة أثناء الإضرابات، ويسمح القانون الجديد للحكومة بوضع حد أدنى من مستويات الخدمة التي يجب الوفاء بها أثناء الإضراب لضمان الوصول إلى الخدمات العامة، وسينظم مؤتمر نقابات العمال البريطانية، الذي يعد صوت الحركة العمالية المنظمة في المملكة المتحدة، مسيرات كبيرة في جميع أنحاء المملكة المتحدة، احتجاجا على تشريع الحكومة المناهض للإضراب، ورفض تمويل رواتب أعلى لموظفي القطاع العام، وقد أطلقت النقابات عليه اسم “قانون مناهضة الإضراب”، قائلة إنه قد يؤدي إلى إقالة العمال الذين يصوتون بشكل قانوني للإضراب.

وسيقوم أكثر من 200 ألف بريطاني بالتوقيع على عريضة، وتحويلها إلى مجلس الوزراء، للإعراب عن معارضتهم للقوانين الجديدة التي تقيد حقوق العمال في الإضراب.

وسيكون لهذه الإضرابات تأثير كبير على المدارس وتعليم الأطفال، لا سيما في أعقاب الاضطراب الذي حدث خلال العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا، وستخلق حالة من عدم اليقين كبيرة لدى الآباء، وتشير إرشادات وزارة التعليم البريطانية إلى أنه يمكن استخدام بعض الموظفين والمتطوعين لتغطية الفصول أيام الإضراب، مع توقع بقاء المدارس مفتوحة حيثما أمكن ذلك، يضاف إلى ذلك الآثار غير المباشرة للإضراب من حيث تغيب الآباء عن العمل لرعاية أطفالهم، والتي ستزيد من أي تكاليف ناجمة عن الإضرابات.

وتقول وسائل الإعلام البريطانية: إن الحكومة تلقت تحذيرا من التأثير المدمر للإضرابات، حيث إنها ألحقت ضررا للاقتصاد قيمته ستة مليارات جنيه إسترليني، وقدر مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطاني قيمة التأثير المباشر للإضراب في إنتاج الشركات من أيام العمل الضائعة بـ 1.4 مليار جنيه إسترليني في الأشهر الثمانية الماضية، كما كلفت الآثار الإضافية للإضرابات بقطاعات السكك الحديد والمطاعم والفنادق ما لا يقل عن 2.5 مليار جنيه إسترليني منذ الصيف وفقا لشركة قطاع الضيافة البريطاني، وأعلنت شبكة السكك الحديدية أن الإضرابات كلفتها 400 مليون جنيه إسترليني من إيرادات التذاكر المفقودة.

وتشير أحدث الأرقام الرسمية إلى أن 467 ألف يوم عمل قد ضاعت بسبب الإضرابات في نوفمبر الماضي، ما رفع الموجة الحالية من الاضطرابات القطاعية إلى أعلى مستوى لها منذ 30 عاما.

وتتوقع النقابات البريطانية تصعيدا كبيرا في الإضرابات المتزامنة اعتبارا من مارس المقبل إذا ظلت الحكومة البريطانية غير راغبة في التفاوض على صفقات تحسين الأجور للعام الحالي، وقالت إنها ستمنح الحكومة وأصحاب العمل عشرة أيام لتقديم عرض محسن قبل اتخاذ قرار بشأن خطوتها التالية، وأكد قادتها أنهم لن يستسلموا، وأن الاضطرابات سوف تتصاعد طوال عام 2023 إذا رفضت الحكومة التفاوض بشأن الخلافات الحالية.

وقد عصفت ببريطانيا خلال الأشهر الستة الماضية موجة من الإضرابات، وصفت بأنها الأسوأ منذ أكثر من 30 عاما، وطالت قطاعات حيوية مثل: خدمات القطارات، والخدمات الصحية، والتمريض، والتعليم، وغيرها للمطالبة برفع الأجور وسط زيادة التضخم، وجاءت في وقت متوتر بالنسبة لحزب المحافظين الحاكم، ما تسبب في تفاقم المشاكل السياسية والاقتصادية القائمة هناك بالفعل.

ووفق الصحافة البريطانية، لا يزال التعاطف مع العمال المضربين قويا، وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “إندبندنت” اللندنية نهاية الشهر الماضي أن 63 بالمئة سيدعمون ممرضي وممرضات هيئة خدمات الصحة الوطنية لاتخاذ مزيد من الإجراءات هذا العام، كما أعرب عدد أكبر من الناخبين عن دعمهم لإضراب المعلمين وموظفي السكك الحديد، وسائقي الحافلات، وعمال البريد أكثر من أولئك الذين عارضوا. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى