تأكيدا على إيمان دولة قطر بأهمية الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة ورسالتها السامية للأسرة الدولية واستقرارها ورفاهيتها وصيانة حقوقها دون تمييز أو استثناء، يترأس حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وفد دولة قطر المشارك في اجتماعات الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.
وسيلقي سمو أمير البلاد المفدى “حفظه الله” يوم غد الثلاثاء، خطابا في الجلسة الافتتاحية للمناقشة العامة رفيعة المستوى للدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة، ومن المنتظر أن يتناول خطاب سموه ثوابت السياسة القطرية، ومواقف الدولة تجاه أبرز القضايا والملفات العربية والدولية الراهنة.
كما ينتظر أن يجدد سمو الأمير بخطابه التزام دولة قطر الدائم بالعمل مع الأمم المتحدة، وتقديم الدعم لها وتعزيز الشراكة مع أجهزتها المختلفة لتمكينها من مواجهة التحديات العالمية المشتركة وتحقيق الأهداف التي تنشدها.
وتعكس مشاركة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى بأعمال الدورة الجديدة للمنظمة الدولية، حرص سموه “حفظه الله” على إبراز صورة دولة قطر المشرقة ومواقفها أمام المحافل الدولية، وحرصها على المشاركة بكافة الأنشطة والحوارات واللقاءات الدولية، والتي تهدف بالمقام الأول للتشاور وتبادل الآراء ووجهات النظر تجاه القضايا والموضوعات والملفات الساخنة على الساحتين الإقليمية والدولية.
ومنذ تولي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مقاليد الحكم في البلاد يوم 25 يونيو 2013، يحرص سموه على حضور الدورات السنوية للجمعية العامة، بهدف تأكيد التزام دولة قطر بواجباتها الدولية، ونقل الصورة المشرقة لدولة قطر وشعبها ودورها الحضاري والإنساني تجاه مختلف القضايا والتحديات العالمية وتجاه الشعوب الشقيقة والصديقة. وقد أظهرت خطابات سمو الأمير في الأمم المتحدة على الدوام أن قطر ستبقى كعهدها الثابت، كعبة للمضيوم، وستواصل أدوارها الإنسانية والاغاثية وجهودها في الوساطة لإيجاد حلول عادلة في مناطق النزاع، وأن حفظ السلم والأمن الإقليمي والدولي يمثل أولوية في السياسة الخارجية لدولة قطر.
وكما جرت العادة منذ عام 1955 في الدورة العاشرة للجمعية العامة، ستكون البرازيل أول من يلقي كلمة أمام الجمعية العامة، تتبعها الولايات المتحدة بصفتها الدولة المستضيفة لمقر الأمم المتحدة، ليتلوها بعد ذلك الدول الأعضاء على مدار أيام المناقشة العامة.
وتبدأ المناقشة العامة للدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة غدا الثلاثاء الموافق للتاسع عشر من سبتمبر الجاري وتستمر حتى السادس والعشرين منه، وتشكل هذه المناقشة أبرز فعاليات كل دورة جديدة للجمعية العامة، وتبدأ بعد أسبوع من حفل الافتتاح الرسمي، وهي قمة عالمية يلتقي خلالها عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات أو نوابهم أحيانا داخل حرم الأمم المتحدة، ويعتلون واحدا تلو الآخر منصة قاعة الجمعية العامة لمخاطبة العالم بشأن قضية من اختيارهم.
ويجتمع قادة العالم للمشاركة في المناقشة العامة السنوية رفيعة المستوى هذا العام تحت شعار “إعادة بناء الثقة وشحذ التضامن العالمي”، وخلال أسبوع من الفعاليات رفيعة المستوى، يبحث رؤساء الدول والحكومات والوزراء الحلول للتحديات العالمية المتشابكة، من أجل تعزيز السلام والأمن والتنمية المستدامة.
وتشمل فعاليات الأسبوع رفيع المستوى، قمة التنمية المستدامة التي تنعقد يومي 18 و19 سبتمبر الحالي، بهدف إعادة العالم إلى المسار الصحيح نحو مستقبل أكثر اخضرارا ونظافة وأمانا وعدالة للجميع، وتعتبر القمة خطة العمل العالمية واسعة النطاق التي تركز على تحقيق 17 هدفا تنمويا، منها القضاء على الفقر المدقع والجوع، وتعزيز العمل المناخي والتعليم الجيد، وتهدف لإطلاق بداية حقبة جديدة من التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية الذي أصيب بالتباطؤ، ومن المنتظر أن يتم اعتماد إعلان سياسي تطلعي يؤكد من جديد على الالتزام بالوعد الرئيسي لخطة عام 2030، وهو عدم ترك أحد يتخلف عن الركب، ومن هذا المنطلق، يسعى المجتمعون على مدار يومين للتوافق على أفضل السبل للمضي قدما.
كما تشمل الفعاليات عقد قمة الطموح المناخي في العشرين من الشهر الجاري ويتطلع فيها زعماء العالم لتحويل الأقوال إلى أفعال ، كما يعد هذا الحدث ركيزة سياسية أساسية للمضي قدما في معالجة أزمة المناخ المتفاقمة، ويركز على ثلاثة مسارات للتسريع بما فيها الطموح، والمصداقية، والتطبيق، وستكون القضية الكبرى المطروحة على القمة هي: أفضل السبل لنقل العالم من الوقود الأحفوري المسبب للانبعاثات إلى الطاقة الخضراء والنظيفة.
وقد أكد السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في هذا السياق أنه من الواجب أن يكون هذا الوقت المناسب للطموح والعمل، حيث رحب بمن أسماهم المحركين والفاعلين الأوائل في قمة الطموح المناخي، قائلا : إن العالم يراقب، والكوكب لا يقوى على الانتظار.
كما تشمل فعاليات الأسبوع رفيع المستوى، الإعداد لقمة المستقبل من خلال اجتماع وزاري يلتئم في الحادي والعشرين من هذا الشهر، وسيرسي فيه المجتمعون الأساس لمؤتمر القمة المعني بالمستقبل المقرر عقده في سبتمبر 2024.
ويتطلع الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن يؤدي هذا الاجتماع للتوصل إلى إجماع عالمي جديد بشأن إعداد العالم لمستقبل مليء بالمخاطر، ولكنه مليء بالفرص أيضا. ويناقش الوزراء كيف يمكن للنظام متعدد الأطراف أن يعالج المخاطر والتحديات العالمية الناشئة، ويقدم مقترحات ملموسة وطموحة لتعزيز النظام العالمي وتحويله، ومن المتوقع أن توافق الدول الأعضاء على “ميثاق للمستقبل”.
كما تشمل فعاليات الأسبوع رفيع المستوى، في العشرين من هذا الشهر، انعقاد حوار رفيع المستوى بشأن تمويل التنمية، ويهدف لتوفير القيادة السياسية والتوجيه بشأن تنفيذ خطة عمل أديس أبابا لعام 2015، وهي إطار للأمم المتحدة لحشد الموارد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وستعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الثامنة والسبعين ثلاثة اجتماعات رفيعة المستوى بشأن الصحة. وستتيح هذه الاجتماعات لقادة العالم فرصة تاريخية لإعادة وضع الصحة في مقدمة اهتماماتهم السياسية مع إعادة التزامهم بالقضاء على السل، وتوفير التغطية الصحية الشاملة، وتعزيز الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها، مع العلم أن الإنفاق الباهظ على الصحة من الجيوب الخاصة، يؤثر على أكثر من مليار شخص، ما يلقي بمئات الملايين من الناس في دوامة الفقر المدقع، وقد تفاقم هذا الوضع بسبب جائحة كوفيد-19، وتعد اجتماعات الجمعية العامة فرصة لقادة العالم للنظر في أفضل طريق للمضي قدما، بدءا من الاستعداد لمواجهة الأوبئة المستقبلية وصولا إلى بناء اقتصادات مستدامة، مع الوضع في الاعتبار تحقيق الهدف الشامل المتمثل في تحسين صحة الناس والكوكب.