عقد مجلس الشورى اليوم جلسته الختامية لدور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين، في “قاعة تميم بن حمد” بمقر المجلس، برئاسة سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم رئيس المجلس.
وفي بداية الجلسة، جدد مجلس الشورى إدانته الشديدة للهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة العديد الجوية، يوم الإثنين الماضي، من قبل الحرس الثوري الإيراني، مؤكدا أن هذا الهجوم يعد تعديا صارخا على سيادة دولة قطر ومجالها الجوي، وانتهاكا فاضحا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح المجلس، أن هذا السلوك العدواني يتنافى مع مبادئ حسن الجوار، ويقوض أسس العلاقات التي ينبغي أن تقوم على التفاهم والاحترام المتبادل، بما يعزز أمن المنطقة واستقرارها.
وأعرب المجلس عن بالغ التقدير للقوات المسلحة القطرية، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى “حفظه الله ورعاه”، على دورها البارز في التصدي لهذا الاعتداء، مشيدا بالجاهزية العالية والاستجابة السريعة لكافة الجهات المختصة في الدولة، وما أبدته من كفاءة في التعامل مع الهجوم، مما أسهم في الحد من آثاره وطمأنة المواطنين والمقيمين.
وعبر المجلس عن امتنانه للمواقف التضامنية التي صدرت عن المنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية، والدول الشقيقة والصديقة، مرحبا في الوقت ذاته باتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، ومنوها بالجهود الدبلوماسية الحثيثة التي بذلتها دولة قطر في هذا السياق لتعزيز فرص السلام في المنطقة.
وخلال الجلسة، أقر المجلس مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون رقم (14) لسنة 2014 بإصدار قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، كما أقر مشروع قانون بتعديل بعض أحكام اللائحة الداخلية لمجلس الشورى، الصادرة بالقانون رقم (8) لسنة 2024.
عقب ذلك، استعرض المجلس تقرير لجنة الشؤون الداخلية والخارجية المتضمن رأي اللجنة في بيان الحكومة الموقرة حول الاقتراح برغبة الذي أبداه المجلس بشأن تنظيم إجراءات مغادرة العمالة المنزلية للبلاد، واتخذ بشأنه القرار المناسب.
كما استعرض مجلس الشورى تقرير لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والإسكان المتضمن رأيها في بيان الحكومة الموقرة بشأن الاقتراح برغبة الذي أبداه المجلس حول زيادة معدلات الطلاق في المجتمع. واتخذ بشأنه القرار المناسب.
إلى ذلك، استمع المجلس إلى تقارير حول مشاركة وفوده في عدد من الفعاليات البرلمانية الدولية وزيارة وفدين من المجلس إلى كل من سلطنة عمان والجزائر.
ثم تلا سعادة الأمين العام لمجلس الشورى، المرسوم الأميري رقم /58/ لسنة 2025 بفض دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين لمجلس الشورى، وذلك اعتبارا من يوم الثلاثاء السادس من شهر محرم 1447 هجرية، الموافق للأول من شهر يوليو عام 2025 ميلادي.
وفي ختام الجلسة، ألقى سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى، كلمة وصف فيها هذه المناسبة بأنها محطة وطنية بالغة الأهمية، تختتم فيها أربع سنوات من العمل الجاد، تحت ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى “حفظه الله ورعاه”،” الذي منح هذه التجربة الشورية دعما ورعاية سامية، شكلت أساسا متينا للممارسة التشريعية والرقابية”.
وأوضح سعادته أن هذا الفصل التشريعي كان مرحلة تطوير وبناء وتفعيل، انتقل خلالها المجلس إلى ممارسة موسعة لاختصاصاته، وانفتح على المجتمع، وتفاعل مع محيطه الإقليمي والدولي، مجسدا تطلعات الدولة في ترسيخ الشورى وتطوير العمل المؤسسي.
وأشار إلى أن دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الأول لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين شهد (81) اجتماعا للجان المجلس، نوقش فيها (49) موضوعا حيويا يهم الوطن والمواطن.
كما أشار إلى أن المجلس أقر كذلك عددا من مشروعات القوانين المهمة، شملت مشروع قانون تعديل قانون الموارد البشرية، ومشروع قانون ذوي الإعاقة، ومشروعات تتعلق بالمحاماة، وغسل الأموال، والبصمة الوراثية، وشعار الدولة، إلى جانب تشريعات نوعية في مجالات الابتكار، والبحث العلمي، والمياه، والتنقل، ومكافحة المنشطات في الرياضة.
وبين سعادته أن المجلس أبدى اهتماما خاصا بمناقشة الموضوعات التي تعكس هموم المواطن اليومية، في قضايا تتعلق بالقيم المجتمعية والهوية الوطنية، والتنشئة الأسرية، والعمل الصيفي للطلبة، وخدمات كبار القدر، وتقنين المحتوى الإعلامي الرقمي، والخدمات الصحية، والمواعيد الطبية، والاستثمار والانتاج الزراعي.
ونوه إلى أن هذه المقترحات جاءت ثمرة لرصد دقيق وتفاعل مباشر مع المجتمع، وقد لقيت استجابة وترحيبا من الحكومة الموقرة،” في ترجمة واضحة لمبدأ التعاون والتكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفق التوجيهات السديدة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى”.
وأشاد سعادته بالتعاون المثمر بين المجلس والحكومة، منوها إلى استضافة المجلس لعدد من أصحاب السعادة الوزراء، الذين عرضوا خطط وزاراتهم الاستراتيجية، وتلقوا استفسارات الأعضاء وملاحظاتهم، ضمن جلسات اتسمت بالمصارحة والطرح العميق، والسعي المشترك لتحقيق التكامل بين التخطيط والتنفيذ، والرقابة والمتابعة.
وفي سياق الدبلوماسية البرلمانية، أوضح سعادته أن المجلس سجل حضورا مميزا ومؤثرا في المؤتمرات البرلمانية الإقليمية والدولية، وشارك بفعالية في نقاشات حول قضايا حقوق الإنسان، والأمن الغذائي، والتحول الرقمي، وقضايا المناخ، والأمن والسلم الدوليين.
وأضاف أن المجلس استقبل عددا من رؤساء المجالس والبرلمانات، والوفود البرلمانية الشقيقة والصديقة، وأجرى معهم لقاءات بناءة ركزت على تبادل التجارب، وتعزيز التنسيق، وبناء شراكات برلمانية داعمة لمسارات التقارب بين الشعوب، والتعاون التشريعي المثمر.
وتابع سعادته قائلا: “وفي إطار الحضور البرلماني الخارجي، تقلد عدد من أعضاء مجلس الشورى مناصب ومراكز بارزة في الاتحادات والمنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية، ما أسهم في تعزيز مكانة المجلس على الساحة الدولية، ومكنه من الإسهام الفاعل في صياغة التوجهات العامة وصناعة القرار البرلماني العالمي”، مبينا أن ذلك يعد انعكاسا لمكانة قطر إقليميا ودوليا.
وأكد سعادة رئيس مجلس الشورى أن المجلس حرص على تعزيز صورة دولة قطر في المحافل الإقليمية والدولية، والتعبير عن مواقفها الثابتة، والدفاع عن القضايا التي تهم الأمتين العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مجددا رفض المجلس لأي محاولات لتصفيتها، داعيا إلى وقف العدوان المستمر والانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق.
كما شدد على موقف المجلس الداعي إلى تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة ومبادئ القانون الدولي.
وأشار سعادته إلى أن مرجعية المجلس في جميع أعماله كانت الرؤية الوطنية التي أرسى دعائمها سمو الأمير المفدى، وتطلعات المواطنين، والمصلحة العليا للوطن، وجعل من التشريع والرقابة وسيلة للتنمية، ومن الحوار جسرا للتكامل مع المجتمع ومؤسسات الدولة، مع الحرص على إبراز الهوية القطرية، وتعزيز القيم الأسرية، والحفاظ على تماسك النسيج الوطني في ظل متغيرات العصر.
وأكد سعادة رئيس مجلس الشورى في ختام كلمته، أن ما تحقق خلال الفصل التشريعي الأول يمثل حصادا وطنيا نوعيا يستحق الوقوف عنده، بفضل جهود أعضاء المجلس وتفانيهم في أداء مسؤولياتهم الوطنية، موجها الشكر لكل من ساهم في هذه الإنجازات التي تخدم الوطن وتعزز من تقدمه وتطوره.