روى الأسير الفلسطيني، زكريا الزبيدي أحد أسرى نفق الحرية من سجن “جلبوع” تفاصيل جديدة تُكشف للمرة الأولى عن عملية “الهروب الكبير” التي قام بها مع 5 أسرى آخرين من السجن الإسرائيلي الأشد تحصينًا قبل عدة شهور
وفي التفاصيل تمكنت محامية هيئة شؤون الأسرى حنان الخطيب من زيارة الزبيدي المعزول في سجن ريمونيم الإسرائيلي، وسرد لها تفاصيل جديدة بشأن انتزاع حريته هو و5 من رفاقه عبر نفق حفروه سرًّا في سبتمبر الماضي، وهي العملية التي عُرفت إعلاميًّا بـ”نفق الحرية” وأعادت قضية الأسرى إلى الواجهة.
وبحسب بيان لهيئة الأسرى قال الزبيدي “كنت أقبع بقسم 4 بسجن جلبوع عندما توجه لي قبل حوالي أسبوعين من العملية الأسير أيهم كممجي قائلًا لي (في طلعة)، فقلت له بأنني شاعر بذلك لأنني أسمع بالليل أصوات وكنت استغرب وأقول في سري (أيُعقل أن أحد الأسرى يخطط للهرب؟)”.
وتابع “سألني أيهم عن استعدادي لذلك فقلت له (أنا اللي بطلع)، فنحن يا أستاذتي العزيزة محاربو حرية وعندنا مسرح الحرية كيف لي ألا أفكر بالحرية؟ طوال الوقت وأنا أفكر بالخروج ومكاني ليس بالسجن فكيف لي ألا أوافق عندما تأتي القصة لدي؟”.
واستطرد “قبل أسبوع من العملية طلبت الانتقال لغرفتهم لكي أطّلع على الموضوع، عندما دخلت ورأيت الحمام (عرفت أننا برة)، سألتهم عن التكتيكات والخطة المرسومة وكيف سنسير بالنفق لأنني لم أجرب الدخول للنفق بالمرة من قبل، فأخبروني بأن السير سيكون يد للأمام ويد للخلف والمشي بطريقة الحلزون ولكن يوجد مقطعين يجب النوم على الظهر والسير زحفًا”.
ومضى “سألت مناضل نفيعات لماذا تريد أن تكون معنا ولم يتبق على إطلاق سراحك أقل من شهرين؟ فقال لي مفاخرًا (أنا اللي حفرت وتعبت ولازم أكون شريك معكم)، وعندها أطلقت عليه لقب (البايجر)”.
وبين الزبيدي “في يوم العملية جاء أحد السجانين ومعه شخص وبدأ بفحص فتحة المجاري فرأى ترابًا مبلولًا فثارت الشكوك بداخلنا ومباشرة تدخلت ووقفت بينهما، وبدأت بمناداة الأسرى لجلسة لخلق حالة إرباك وعندها أطبقوا الفوهة وذهبوا للتفتيش والفحص بالغرفة المجاورة رقم 4، عندها أخبرت الشباب أن الوضع لا يُحتمل ويجب أن نخرج الليلة من النفق”.
وزاد “بالبداية دخل النفق الأسير مناضل نفيعات وتلاه محمد العارضة وبعدها يعقوب قادري وأنا وبعدي أيهم كممجي وآخرنا كان محمود العارضة”.
وتابع “داخل النفق علقت وشعرت أن جسمي لا يتحرك حوالي ربع ساعة وكانت المنطقة مظلمة فأحسست بأنني بمنطقة البرزخ بين الأرض والسماء، وعندها طلب مني أيهم ومحمود مواصلة المسير، وأخبرت يعقوب الذي كان أمامي بأنني عالق فظن يعقوب أن الحقيبة تعرقل مسيري فقام بسحبها مني فقلت له إن جسمي عالق بالنفق وأنا لا أستطيع التحرك، حيث هم متعودون على النفق والسير به لأنهم جربوه من قبل أما أنا فهذه أول مرة أسير به ولم أعتد عليه وبعد محاولات عديدة تركت نفسي وواصلت المسير” .
وأكمل “وصل يعقوب إلى فوهة النفق منهك القوى وتعب، أما أنا فرفعت يدي وقام مناضل نفيعات بانتشالي وإخراجي من فوهة النفق وخرجنا جميعًا”.
وأضاف “عندما قطعنا الشارع كادت سيارة تدهس أيهم وعندها أيقنا بأنه سيتم الإبلاغ عنا، فقلت لهم سنقطع أرض القطن بسرعة لأنهم سيبلغون عنا ويجب أن نجري، ونحن نجري رأينا طيارة هليكوبتر وسيارات شرطة فتأكدنا أنه تم الإبلاغ عنا”.
واستطرد “بعد حوالي كيلومتر من المسير تعب يعقوب ولم يعد يقوى على الجري فتوقف وقال لنا (اتركوني واذهبوا المهم أن تنجوا أنتم) فرفضنا جميعًا وقلت له (اتكئ عليّ وأنا سأسندك) فاستند عليّ وواصلنا المسير حيث كنا نمشي بأرض زراعية ومحفورة، إلى أن وصلنا إلى قرية الناعورة”.
وقال الزبيدي “اغتسلنا بالجامع واستبدلنا ملابسنا وبعدها عندما لم تأت السيارة لنقلنا خاب أملنا وقررنا الانفصال لأزواج وكان نصيبي مع محمد العارضة. واصلنا أنا ومحمد المسير بطريق لا نعرفها وكان همنا الخروج من البلدة، مشينا حوالي 7 ساعات وعندما جاء النهار أحسست بجسم يرتطم بالأرض فقال لي محمد إنها أبقار” .
وتابع “وأنا جالس أنا ومحمد العارضة بأحد الأحراش رأيت شجر الصنوبر الذي زرعه الاحتلال مكان شجر الزيتون وكان بجانب إحدى شجرات الصنوبر فروع وعروق زيتون قد نبتت بجانبها فقلت لمحمد (تفرج وشوف كيف زرعوا صنوبر محل الزيتون بس الأساس طالع من جذره، قطعوا الزيتون بس نسيوا إنه له مد، هم بيقدروا يقطعوا الشجرة بس ما بيقدروا يقطعوا مد الزيتون)”.
وأكمل “اختبأنا بعدها داخل شجرة بطم بالقرب من مستعمرة بمنطقة صناعية، حيث كان داخل الشجرة ثوب أفعى ونمل كبير فقلت لمحمد إننا بوكر لأفعى وإننا بمكان آمن لأن الحيوانات والزواحف أأمن من الإنسان فقصصت عليه قصة لامية العرب للشنفرى وقرأت له أبيات من الشعر للشنفرى التي تؤكد على كلامي وأن الحيوان يحافظ علينا أكثر من الإنسان حيث عشنا معهم يوم ونصف ولم يبلغوا عنا أما الإنسان فمجرد أنه شاهدنا أبلغ عنا”.
وأضاف الأسير الزبيدي “قبل القبض علينا بيوم، اختبأنا في مبنى قيد الإنشاء وقد دخلت أجهزة الأمن الإسرائيلية للتفتيش علينا ولم تجدنا وقد كنا مختبئين بالطابق الثاني. وكنت في كل يوم أتسلق على شجرة للاستطلاع وقد تفاجأت من حجم التحركات والتفتيش عنا”.
وزاد “إغلاق الأماكن لم يكن طبيعيًا، وبحجم التحركات والوسائل التي استعملها جهاز الأمن الإسرائيلي لم أتوقع أن نصمد بالخارج 6 أيام دون القبض علينا، علمًا أنهم وصلوا بمقربتنا عدة مرات ولم يعثروا علينا”.
وقال “كان معنا أجهزة راديو وقد علمنا من الأخبار أنه تم القبض على محمود ويعقوب ولكننا لم نخف، حتى وأننا بينهم ومحاصرينا لم نخف فنحن طالبو حرية ليس إلا”.
وأضاف “ذهبنا لاستكشاف ما حولنا فرأينا أرضًا بها خروب فأكلنا منه وبالصدفة مروا شخصين “بتراكتورون” نزل أحدهم وأعطانا قنينة ماء وبعد أن ذهبوا حاولنا الركض لأننا شعرنا بأنهم سيبلغون عنا، اختبأنا لمدة حوالي ساعتين تحت شجرة وكانت سيارات الشرطة تمر من جانبنا وتذهب، بعدها رآنا شخص كان برفقة طفلة صغيرة فتحدث معه محمد وأنا جلست وسلمت على الطفلة”.
وتابع “لكن للأسف بعد دقائق رأينا طائرات الهليكوبتر وقوات كبيرة من جيش الاحتلال فدخلنا تحت سيارة كبيرة، وكان محمد يضع على رأسه حجر كحماية وبعد مرور حوالي 3-4 ساعات تعب محمد من الحجر مما اضطره للتخلص منه وعندما رماه رآه أحد الجنود وتم القبض علينا، وإعادة اعتقالنا بالقرب من قرية أم الغنم في منطقة الجليل الأسفل بتاريخ 11 سبتمبر من العام الماضي”.
وكان الاحتلال قد أعاد قبلها بيوم اعتقال الأسيرين قادري ومحمود العارضة في الناصرة داخل الخط الأخضر، والأسيرين كممجي وانفيعات بتاريخ 19 سبتمبر من مدينة جنين.
ورغم إعادة اعتقال الأسرى الستة خلال أسبوعين من الفرار، إلا أن هذه العملية تسببت في حرج بالغ وفضيحة لمنظومة الأمن الإسرائيلية، وأعادت في الوقت ذاته قضية الأسرى المنسية إلى طاولة المفاوضات بحسب الجزيرة مباشر.