المركز العربي للأبحاث: القمة القطرية الأمريكية تأكيد لدور الدوحة الإقليمي

أكد تقدير موقف صادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن القمة القطرية الأمريكية حظيت باهتمام كبير؛ نظرًا إلى أهمية القضايا التي تناولتها. وقد تُوجت بإعلان الرئيس بايدن عن قراره تصنيف قطر «حليفًا رئيسياً للولايات المتحدة الأمريكية من خارج الناتو. وبين التقرير أن القمة تطرّقت إلى جملة من القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدّمتها «الأمن في الخليج والشرق الأوسط الكبير»، وضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية في ضوء المخاوف من تأثّرها بأزمة أوكرانيا، ومواصلة التنسيق بشأن الوضع في أفغانستان، وأزمة الملف النووي الإيراني، والقضية الفلسطينية التي شدّد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على أنه بحث فيها مع الرئيس بايدن «الحقوق المتساوية للشعب الفلسطيني».

وتناولت القمة، أيضًا، سُبل تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين قطر والولايات المتحدة، والعلاقات الدفاعية والأمنية المشتركة التي يُتوقع أن تشهد تطورًا كبيرًا بعد إعلان بايدن تصنيف قطر حليفًا رئيسياً لبلاده من خارج حلف الناتو.


أزمة أوكرانيا
مثّلت أزمة أوكرانيا أبرز الموضوعات التي ناقشتها القمة الأمريكية القطرية، خاصة في ضوء مساعي إدارة بايدن لوضع خطط طوارئ في حال إقدام الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على قطع إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا ردًّا على أيّ عقوبة اقتصادية غربية قد تستهدف بلاده، إنْ أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا. وبالنظر إلى أنّ قطر هي أكبر منتج ومصدّر للغاز الطبيعي المُسال في العالم، إذ إنها تسيطر على 22 في المئة من سوقه، فإنها تُعد ركنًا أساسيًّا في خطط الولايات المتحدة لتأمين «مصادر بديلة» لتعويض أيّ فاقد روسيٍّ لأوروبا. وشددت قطر على أنها لا تريد أن تكون طرفًا في أي استقطاب سياسي. وقد اهتم حضرة صاحب السمو بطَرْح أجندات قطرية أخرى على جدول الأعمال؛ منها قضايا إقليمية، وقضية فلسطين، كما أنه لم يصطحب معه وزير الطاقة؛ في إشارة إلى أنّ موضوع الغاز ليس هو الموضوع الرئيس في الزيارة. لكنّ قطر أكدت، أيضًا، أنها مستعدة للتعاون مع منتجي الغاز ومستهلكيه، فهي مدركة لأهمية هذا الموضوع بالنسبة إلى أوروبا؛ ومن ثم تعزيز مكانتها.


الوضع الأفغاني
تتطلع إدارة بايدن إلى دور قطري فعّال في التعامل مع الوضع الأفغاني، خاصة بعد أن صارت قطر ترعى مصالح الولايات المتحدة في أفغانستان منذ انسحاب قواتها منها خلال الصيف الماضي. وقد امتدت مساعدة قطر للولايات المتحدة في الموضوع الأفغاني على مدى ثلاث إدارات أمريكية؛ وعلى امتداد سنوات عديدة، استضافت قطر جولات حوار بين طالبان والولايات المتحدة، انتهت بالتوصل إلى «اتفاق الدوحة»، في فبراير 2020. ومنذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، قامت الخطوط الجوية القطرية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، بنقل أكثر من 124 ألف شخص، واستضافت جزءًا منهم في مخيمات خاصة في الدوحة، إلى حين البتّ في طلبات لجوئهم ووجهاتهم. ولا تزال إدارة بايدن تطلب مساعدة قطر في إنهاء هذا الملف، وما زالت تحتاج إليها كقناة ديبلوماسية للتواصل مع حكومة طالبان، فضلًا عن إدارة مطار كابل الدولي. وقد توصلت قطر وطالبان مؤخرًا إلى اتفاق لإعادة تشغيله بمشاركة قطرية – تركية.


الملف النووي الإيراني
مباحثات حضرة صاحب السمو مع الرئيس بايدن ناقشت الاتفاق النووي الإيراني، وإنّ دور قطر لا يقوم على نقل الرسائل، بل إنها تستغل القنوات المفتوحة مع الولايات المتحدة وإيران لـ «تقريب وجهات النظر»، ويهمها التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.


وتُعد قطر في موقعٍ يؤهلها لأداء دور الوساطة بين الطرفين؛ نظرًا إلى علاقتها الجيدة بكليهما. وكان وزير الخارجية قد زار إيران قبل أيام من القمة القطرية – الأمريكية، وجاءت هذه الزيارة بعد زيارة قام بها إلى الدوحة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ثمّ إنّ وزير الخارجية القطري سبق صاحب السمو إلى واشنطن، في ظل معلومات تشير إلى أن إيران قد توافق على الاجتماع المباشر مع المفاوضين الأمريكيين، وعلى الإفراج عن بعض المعتقلين الأمريكيين من أصول إيرانية في سجونها، وهما أمران تبذل قطر جهدًا في تحقيقهما.


العلاقات التجارية
مثّلت القمة الأمريكية – القطرية مناسبة، أيضًا، لمناقشة العلاقات التجارية وتعزيزها؛ إذ جرى أثناءها الإعلان عن صفقة ضخمة بين شركة «بوينغ» الأمريكية والخطوط الجوية القطرية، وُقِّعت في البيت الأبيض. وبحسب هذه الصفقة، فإن قطر ستشتري ما قد يصل إلى 102 طائرة بقيمة إجمالية تبلغ 34 مليار دولار تقريبًا. وسوف يستفيد من هذه الصفقة مصدّرون أمريكيون في 38 ولاية؛ ما سوف يوفر 35000 فرصة عملٍ، فضلًا عن ضخّ 2.6 مليار دولار سنويًّا في الاقتصاد الأمريكي. وفي المقابل، فإن قطر ستحصل، في الفترة 2023-2027، على أحدث أسطول جويٍّ عالميٍّ، وهو أمرٌ يزيد من كفاءة خطوطها الجوية، ويقلل من تكاليف السفر ومدده الزمنية.قطر حليف رئيسي من خارج الناتو.

وأشار الرئيس بايدن، في رسالته إلى الكونغرس التي يخطره فيها رسميًّا بتصنيف قطر «حليفًا رئيسياً من خارج الناتو»، إلى أنه يقوم بذلك «تقديرًا لمساهمات قطر طوال سنوات عديدة في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة في نطاق منطقة مسؤولية القيادة الوسطى الأمريكية، واعترافًا بمصلحتنا الوطنية في تعميق التعاون الدفاعي والأمني الثنائي مع دولة قطر». وبهذا، تكون قطر ثالث دولة خليجية تحظى بهذه الصفة، بعد الكويت والبحرين، والدولة التاسعة عشرة عالميًّا. ورغم أن هذا التصنيف لا يعني أن الولايات المتحدة ملزمة بالدفاع عن الدول المدرجة فيه، فإنه يندرج – بحسب تعريف وزارة الخارجية الأمريكية – تحت القانون الأمريكي، ليمنح الطرف المعنيّ امتيازات محدّدة في مجالات التعاون الدفاعي والأمني والتجاري، وهو بمنزلة مؤشر قوي دالّ على العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة والدولة المشمولة بهذا التصنيف. وخلت تقدير الموقف إلى أن القمة تمثل مؤشرًا مهمًّا دالًّا على نجاح قطر في الحفاظ على دورها بوصفها فاعلًا أساسيًّا في المنطقة؛ وتعبّر أيضًا، عن مدى أهمية قطر في المقاربة الإقليمية لإدارة بايدن؛ مثلما ظهر ذلك في أفغانستان، وقطاع غزة، ومحاربة الإرهاب، والحفاظ على الاستقرار في الإقليم، إضافةً إلى بروزها بوصفها فاعلًا مهمًّا في أزمة أوكرانيا، وأزمة الملف النووي الإيراني، وغيرهما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى