تحتفل دول العالم غدا /الأربعاء/ الموافق للثاني والعشرين من مارس من كل عام، باليوم العالمي للمياه لعام 2023، تحت عنوان “تسريع وتيرة التغيير”، بغية إيجاد حل لأزمة المياه وخدمات الصرف الصحي، وذلك بهدف رفع الوعى بجميع الأمور المتصلة بالمياه وإلهام الآخرين لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه أهم التحديات التي تواجه سكان الكوكب حاليا، وهي ندرة المياه والتي تأتي نتيجة لأسباب وعوامل طبيعية وبشرية.
وينصب التركيز الأساسي لهذه المناسبة على دعم الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، الذي يعالج مسألة إتاحة المياه ومرافق الصرف الصحي للجميع مع حلول العام 2030، لكن الخلل الوظيفي الذي تعاني منه الدورة المائية يقوض التقدم المحرز في معظم القضايا العالمية الرئيسية، من الصحة والأمن الغذائي والمساواة بين الجنسين والتوظيف والتعليم والصناعة والسلام.
ويعتبر الحصول على المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية حقا من حقوق الإنسان، ولكن لا يزال ملايين الأشخاص وعدد لا يحصى من المدارس والشركات ومراكز الرعاية الصحية والمزارع والمصانع يواجهون تحديات يومية، في الوصول حتى إلى أبسط الخدمات.
وتحتفل دولة قطر مع بقية دول العالم بهذه المناسبة، إدراكا منها لأهمية المياه وضرورة المحافظة عليها وترشيد استهلاكها وإدارة مواردها بما يحقق الاستدامة، خاصة وأن هذه التطلعات تتفق مع رؤية قطر الوطنية والتي تهدف إلى تحويل البلاد بحلول العام 2030 إلى دولة قادرة على تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل.
كما تعمل دولة قطر على استدامة توفير خدمات المياه بجودة عالية، وتسعى بشكل متواصل للارتقاء بها إلى أفضل المستويات مع الالتزام بمعايير الصحة والسلامة المحلية والدولية، ويتم تنفيذ ذلك من خلال استراتيجية شاملة، لتحقيق الإدارة المتكاملة والمستدامة للموارد المائية بالدولة ومن خلال البرنامج الوطني /ترشيد/ والذي نجح في خفض معدل استهلاك المياه للفرد بالدولة بنسبة كبيرة.
وقد نجحت /كهرماء/ خلال السنوات الماضية في تلبية الطلب المتزايد على المياه بالدولة، على الرغم من معدل الزيادة السنوية في استهلاك المياه، كما حققت أهدافها الاستراتيجية بتعزيز الأمن المائي القطري، وذلك بزيادة سعة مخزون المياه الاستراتيجي، ورفع قدرة منظومة المياه على مواجهة حالات الطوارئ القصوى، حيث رفعت السعة التخزينية من 1,000 إلى 2,400 مليون جالون، أي ما يعادل زيادة بنسبة مئة وأربعين بالمئة في مخزونها من مياه الشرب.
ومن بين المشاريع التي أنجزتها /كهرماء/ خلال العام الماضي 2022، تدشين مركز تحكم المياه الوطني بعد الانتهاء من أعمال تجديده وتطويره، حيث تم استحداث مركز تحكم المياه الوطني للطوارئ، وذلك في إطار الخطة الاستراتيجية طويلة المدى 2030 للمؤسسة، ولضمان تدفق خدمات المياه على أعلى المستويات.
وواصلت /كهرماء/ إنجاز العديد من المشاريع والأعمال الكفيلة بتوفير مياه آمنة وصحية لكافة سكان دولة قطر، حيث بلغ إجمالي إنتاج المياه السنوي خلال العام الماضي 671 مليون متر مكعب، كما تم تدشين شبكات مياه جديدة بأطوال تصل إلى 151 كيلومترا، لتحسين أداء شبكة المياه وتوصيل المشتركين الجدد، استجابة لارتفاع الطلب والتوسع العمراني والنهضة الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها دولة قطر.
وحرصا على تعزيز الأمن المائي للدولة، دشنت /كهرماء/ 64 مليون جالون إضافية في مشروعات الخزانات العملاقة، بما يعادل 4.5 بالمئة من السعة الإجمالية للمشروع، ليصل إجمالي ما تم تدشينه إلى 1421 مليون جالون، أي بنسبة 100 بالمئة من السعة المستهدفة، كما ارتفع هامش تخزين المياه إلى 2396 مليون جالون مقارنة بـ2332 مليون جالون بنفس الفترة العام 2021.
وفي رسالة بمناسبة اليوم العالمي للمياه، قال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة: إن شريان الحياة لعالمنا وهو المياه، يسمم، قطرة وراء قطرة، بفعل التلوث ويتم استنزافه بسبب الاستخدام النهم الشديد الإفراط، وتوقع أن يكون الطلب على المياه بحلول نهاية العقد أعلى بنسبة أربعين بالمئة عن العرض، وقال إن تغير المناخ يقلب الدورة الطبيعية للمياه رأسا على عقب، وهو ما يزيد من تفاقم الكوارث المرتبطة بالمياه ومن تفشي الأمراض ونقص المياه والجفاف، ويلحق في الوقت نفسه الضرر بالبنى التحتية وأنشطة إنتاج الغذاء وسلاسل الإمداد.
وأكد الأمين العام أن موضوع الاحتفال بيوم المياه العالمي لهذا العام يعكس تكلفة هذه الإخفاقات التي تثقل كاهل الملايين من البشر المحرومين من المياه المأمونة ومرافق الصرف الصحي. وأكد أن العالم حاد بشكل صارخ – وخطير- عن المسار الصحيح الذي يفضي به إلى الهدف المتمثل في توفير خدمات المياه والصرف الصحي المدارة إدارة مأمونة للجميع بحلول عام 2030.
وأشار غوتيريش إلى تزامن اليوم العالمي للمياه مع مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمياه، الذي تنطلق فعالياته غدا /الأربعاء/، وقال إنه يشكل لحظة حاسمة بالنسبة إلى الحكومات الوطنية والسلطات المحلية والإقليمية ومنشآت الأعمال التجارية والعلماء والشباب ومنظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية، تتيح لهم الفرصة لتوحيد قواهم والعمل معا على تصميم حلول تؤدي إلى توافر المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي للجميع والاستثمار في مثل هذه الحلول. وأكد غوتيريش في رسالته أنه لامجال لإضاعة المزيد من الوقت، ودعا لجعل العام الحالي 2023 عام التحول والاستثمار للحفاظ على شريان حياة البشرية.
وفي رسالة مماثلة، قالت السيدة أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو: إن ضرورة المياه لا تقتصر على كونها مصدر كل أشكال الحياة، بل تشمل أيضا أنها الأساس الذي يقوم عليه بنيان صحة مجتمعاتنا وتنميتها. وبذلك تكون المياه القاسم المشترك لأهداف اليونسكو والأمم المتحدة، إذ لا يمكن للمرء أن يتعلم تعلما جيدا وأن يتمتع بصحة جيدة وأن ينشر السلام والعدل في عالم يعاني من العطش أو تفتك به الأمراض من جراء شرب المياه غير الصالحة للشرب.
وأضافت أزولاي أنه وفقا للبيانات المتوفرة لدى الأمم المتحدة، لا يستطيع مليارا نسمة من سكان العالم من الحصول على المياه في الوقت الحاضر، الأمر الذي يتطلب اتخاذ تدابير عاجلة، لا تفتأ الحاجة إليها تشتد وتزداد إلحاحا على إلحاحها من جراء عواقب تغير المناخ التي بات العالم يعاني منها فعلا في الوقت الحاضر، والتي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الجفاف وشح المياه، وكذلك حجم الفيضانات ووتيرتها.
وأشارت إلى أن اليونسكو تؤمن بأهمية العمل التعاوني في هذا الصدد منذ زمن طويل، ولم تتوقف عن السعي إلى ذلك من خلال برنامجها الهيدرولوجي الدولي الحكومي الذي أتاح تدريجيا في غضون خمسة عقود تمكين 169 لجنة وطنية من العمل معا، وكذلك من خلال برنامج اليونسكو العالمي لتقييم الموارد المائية، والمراكز المستقلة المعنية بالمياه والعاملة تحت رعاية اليونسكو وعددها 29 مركزا، وكراسي اليونسكو الجامعية المعنية بالمياه وعددها 70 كرسيا جامعيا.