@ قطر وتركيا بلدان ينتميان إلى تاريخ وحضارة مشتركة يجمع بينهما الإسلام
@ الإسرائيلي منبوذ عكس الفلسطيني الذي يحبه جميع شعوب الأرض
@ المقدسي بشكل خاص والفلسطيني بشكل عام متشبث بأرض الآباء والأجداد
حوار : أحمد القوبري
هذه زاوية نطل بها على مختلف قضايا الساعة عبر حوارات سريعة نحاول من خلالها عبر ” لقاء اللواء” ان نسلط الضوء على الحقيقة وكل جديد في السياسة والرياضة وكل قضايا الوطن والمواطن .
وضيفنا اليوم هما فضيلة الشيخ محمد العمري رئيس مؤسسة إحياء الدولية لدعم القدس والشيخ الدكتور مصطفى إبراهيم ونبدأ حوارنا مع الشيخ العمري.
**حدثنا بايجاز عن العلاقات التركية القطرية من جهة والتركية المقدسية من جهة أخرى ؟
•• العلاقات التركية القطرية هي حجر الزاوية في استقرار منطقة الشرق الأوسط، لأن هذين البلدين ينتميان إلى تاريخ وحضارة مشتركة يجمع بينهما الإسلام.
ثم أن هاتين الدولتين تتبنيان الإسلام الشمولي العالمي، إسلام الفتوحات والدعوة إلى السلام والمحبة، وإلى التبادل بين شعوب العالم، لأن فيهما عنصران اساسيان ثابتان، وهما الاقتصاد المتمكن الموجود عند البلدين.
والعنصر الثاني القوة الحامية لهذه العلاقات.
فتركيا تعد من إحدى اقوى دول الشرق الأوسط عسكرياً، وهي قادرة على حماية نفسها، وأصدقائها بكل جدارة. وهذا يحدد أن تركيا وقطر دولتان صادقتان تكمل أحدهما الأخرى، وهذا ما نلمسه ونعايشه في صورة واقعية.
** اشرح لنا بالتفصيل رؤيتك لتركيا التاريخ والحضارة ؟
•• في تركيا الأشخاص يتبدلون، أما الذي تدور عليه المنافسة فيتعلق بماهية تركيا هل هي دولة مسلمة أم غير مسلمة؟
تركيا الأولى هي المسلمة منذ 500 عاماً ، وهي الإمبراطورية، وتضم المساجد والمآذن، بينما تركيا الثانية هي العلمانية وعمرها 100 عاماً .
تركيا التي استوردت العلمانية من الخارج، ولذلك فإن هناك منافسة بين الإسلام والعلمانية، فالإسلام يدعو إلى السلام بينما العلمانية تدعو لسيطرة القوي على الضعيف، وأن المصلحة المادية هي الأساس، بينما المسلمين الأتراك يدركون أن المصلحة هي التمسك والتشبث بالدين، وهو يتقدم على المصالح المادية.
ولذلك نرى أنه لا خوف على تركيا من خلال التاريخ الذي نعهده ونعرفه، حيث شهد عام 1960 في تركيا حدوث انقلاب في عهد عدنان مندريس، حيث جاء مندريس بالتصالح والتكيف مع الإسلام ، والإبقاء على الديمقراطية والحريات الشخصية وعدم المساس بها، وكل هذا سبب انقلاباً بحجة أن عدنان مندريس أضر بالعلمانية، ولكن بعد الانقلاب بفترة وجيزة تصل إلى 4 سنوات، حصلت انتخابات في تركيا قادها الانقلاب العسكري، وقد فاز في تلك الانتخابات حزب عدنان مندريس.
ان كل هذا يوضح إدارة الشعب التركي، وحبه لدينه ووطنه، أي أن هذه المحبة قام عليها المجتمع التركي منذ 500 عاماً ، ونحن لا نخاف خاصة وانه بعد أسابيع قليلة ستفرز نتائج الانتخابات الحاسمة، وتحدد من يفوز في هذه الانتخابات والتي تقام بين دعاة العلمانية والتاريخ للشعب التركي المتمسك بالأرض والدين، من يفوز من هذين الفريقين سيحكم تركيا لـ 50 عاما قادمة.
بين الفلسطيني الإسرائيلي
**وماذا عن فلسطين والقدس؟
•• الإسرائيلي كعنصر بشري ينتمي إلى الديانة اليهودية، وهذا اليهودي ليس له محبين في العالم، أي انه منبوذ من جميع شعوب العالم، فهو الذي قرر لنفسه هذه الحالة عند كل بلد، إذ انه يرغب في عيش حياته الدينية في بيئة منغلقة.
على عكس الفلسطيني الذي يحبه جميع شعوب الأرض، وسيأتي يوم سواء قرب أو بعد يُخرج فيه الفلسطيني الإسرائيلي من أرضه، وذلك اليوم قادم لا محالة، لاسيما وأن أبرز عناصر تفكك المجتمع الإسرائيلي انه غير محبوب، ولكن إسرائيل باقية إذا بقيت الدبابة والطائرة تحرسها، ولكن إذا غابت هذه العوامل، ستذهب في الهواء.
أما المقدسي بشكل خاص والفلسطيني بشكل عام متشبث بأرض آباءه واجداده، يستشهد من أجل ذلك، ويتحمل بصبر كل ما يواجهه من أجل أن يؤكد للناس بأن هذه أرض أباءه واجداده، وهذا الشعار هو الذي أوجد للمقدسي مؤسسات داخل فلسطين وخارجها، بحيث تكون بمثابة يد تعيين على خدمة المقدسي والفلسطيني حتى يمكنه الاستمرار في ثباته، ومرابطته والقيام بواجبته مع ربه، ودينه، وشعبه، وأرضه.
إنه بمثابة دين في اعناقنا العمل على إعانة المقدسي في تحمل ما يتحمله من ظلم الاحتلال، ولكن نساعده بإعطاء المزيد من الطاقة والصبر بما يجود علينا أهل الخير، مما يشكل حلقة متكاملة لمتابعة مسيرة الثبات لتأدية واجبنا تجاه القدس.
** هل ما زالت قضية القدس تستحوذ على الاهتمام العربي والاسلامي بعد كل ما جرى في العقد الأخير ؟
•• نعم، حيث نرى مؤشرات هذا الاهتمام بشكل واضح ونلمسه من خلال زيارة بلد مثل دولة قطر، ونشعر بالالتفاف، حيث نتشرف بحضور أهل قطر الدائم لمتابعة ونصرة قضية القدس، والناس هنا لاحظنا أنهم متلهفين متعاطفين لكي يعرفوا كل شيء عن القدس والمجلس الأقصى، وكيفية حضور المرابطين لتأدية الصلوات في المسجد رغم ما يقوم به العدو.
ان هذا الحضور ليس بالضرورة حضور الجيوب، بقدر ما يكون حضور القلوب، نحن نراهن على القلوب، ولذلك القضية حية، ولا خوف عليها على هذه القضية طالما يوجد هذا الاهتمام.
وعود القرآن حق
** ماذا يتوجب على الأمة تجاه القدس؟
•• أود أن أذكر هذه الأمة بضرورة وأن يخرج أفرادها من الارتهان لغير دين الله، فمن ينظر لقضية القدس والأقصى من خلال آيات القرآن الكريم، يختلف كل الاختلاف عن الحسابات السياسية، وفيما يتناوله الناس من تطبيع، ولكن الحقيق الدامغة أن تعرف قضيتك القدس.
فهذا القرآن قد أشار لنا في إشارات نورانية أن هذه الأرض للمؤمنين وليست للعابثين، ورغم ان هناك صهيونية تحرك قطيع الغنم من بني إسرائيل بقصة أرض الميعاد، وهذا كلام غير صحيح.
فالتوراة لم تأمر اليهود بإقامة دولة، إذ أن دولة إسرائيل قامت وفي طبعها الفناء، وأدعو جميع الأمة من أحرار، أن يدافعوا عن قضية عزتهم وكرامتهم، و ألا يشككوا في قرآنهم، فوعود القرآن حق، لقوله تعالى ” وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ “.
أين جاءت فكرة التأسيس ؟
ونتابع الحديث عن مؤسسة إحياء الدولية لدعم القدس مع الشيخ الدكتور مصطفى إبراهيم الذي سألناه بداية عن مراحل نشأة المؤسسة ومن أين جاءت فكرتها حيث يقول :
•• في الحقيقة قضية كبرى بحجم قضية القدس، لابد أن تتفاعل معها الأمة بالقدر الذي يناسب حجم وتاريخ هذه المأساة، خاصة وأن القرن الحادي والعشرين قد عاش الكثير من المآسي، ولعل مأساة القدس أحد المآسي التي استمرت.
ومن هنا لابد من التفاعل مع احتياجات هذه المدينة، نظرا لأنها واقعا مختلف والعيش فيها مختلف، فكانت مؤسسة إحياء الدولية إحدى المؤسسات التي تقوم على الشأن المقدسي، اهتماما ورعاية بالقدر الذي تحدده الظروف والامكانيات في كل ساحة.
** من المعروف أن مقر المؤسسة في إسطنبول، فما دلالة ذلك؟
•• مما لاشك فيه أن تركيا دولة محورية في قضايا الكرة الأرضية بشكل عام، وليس غريباً على القارئ انه يعلم ويتابع، حتى أزمة الغذاء العالمي الآن خاصة بعد حرب روسيا واكرانيا.
أن تركيا قد مدت الجسور بين البلدين ووقعت اتفاقية هامة جدا لتوزيع الحبوب في العالم، ومن هنا يمكننا القوم أن تفاعل الاتراك مع قضايا العالم يعد بلا شك تفاعلاً راسخاً وقوياً بشكل عام، ومع قضية القدس على وجه الخصوص.
ثم لا نستغرب ذلك باعتبار أن القدس إحدى الولايات العثمانية التي كانت تمتد إلى الخلافة العثمانية، وعلى رأسهم السلطان عبد الحميد وموقفه المشرف من هذه القضية ومن هنا جاء دور تركيا، خاصة وإنها في الفترة الأخيرة قد اخذت تمثل بجدارة واستحقاق استقطاباً عالمياً من حيث عقد المؤتمرات والندوات واللقاءات، وليس غريبا أن تتشكل المؤسسات الخيرية فيها.
مسارات هامة وهادفة
**ما هي أبرز الأنشطة التي قامت وتقوم بها المؤسسة؟
••حقيقة مؤسسة إحياء الدولية تعمل على عدة مسارات، ولعلها من المسارات الهامة..
فالمسار الأول الذي تعمل عليه المؤسسة هو رعاية موضوع شد الرحال، والذي يقصد به إيجاد اعداد من الفلسطينيين المصلين الذين يدخلون إلى المسجد الأقصى المبارك ويصلون به يوميا، وهذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير جدا سواء ماديا أو لوجستيا، خاصة وانه يحتاج إلى إنفاق بشكل يومي.
كما انه يحتاج إلى فرق عمل تطوعية تتولى تحشيد الجهود للفلسطينيين من داخل المدينة المقدسة، إذ يأتي هؤلاء عبر قوافل بشكل يومي ليصلوا في المسجد الأقصى، حتى لا يترك المسجد الأقصى فراغاً من أهله، فيكون بذلك لقمة سائغة لليهود، وفي محاولة لعمل نوع من الميزان العددي من قبل المصلين الفلسطينيين داخل المسجد الأقصى .
بينما المسار الثاني فيتمثل في ترميم الأوقاف العثمانية التاريخية القديمة، وذلك لسببين، الأول أن هذه الأوقاف مازال يسكنها أناس من الفلسطينيين، وهؤلاء يعيشون في بيئة صعبة سواء من الناحية الطبية أو الصحية، خاصة وأن هذه المنازل لم تعد تصلح للسكن، والأخطر منها القانون الجائر الذي ينص على أن المقدسي الذي لا يرمم البيت يتم مصادرة هذا البيت، ومن هنا تأتي أهمية هذا المشروع.
ويتمثل المسار الثالث الذي تقوم عليه المؤسسة في التعليم، والذي يركز على تعليم الأجيال الناشئة اللغة العربية والخط العربي، إضافة إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم، سواء في المسجد الأقصى المبارك أو في المراكز المنتشرة في مدينة القدس ..
ولذلك يعتبر من المشاريع الاستراتيجية حتى يظل هذا الجيل يعلم لغته وهويته.
أيضا من المسارات التي تقوم بها المؤسسة، مسار التمكين الاقتصادي، خاصة وأن القدس مدينة مغلقة بشكل كامل، ومن هنا جاء مشروع الدعم الاقتصادي عبر تنفيذ أي مشروع خيري من خلال التجار المقدسيين حتى يتم دعمهم بشكل أساسي في مسيرتهم الاقتصادية، ثم تأتي المسارات الموسمية ونقصد بها شهر رمضان المبارك وعيد الأضحى وغيرها.
وتشمل تسديد الديون والسلات الغذائية وإفطار الصائم، وكذلك توزيع حوالي مليون زجاجة مياه في شهر رمضان، فضلا عن توزيع الوجبات الغذائية، وهذا يتطلب جهداً مالياً وبشرياً إضافة إلى مشروع فرحة الطفولة وتوزيع الملابس الجديدة على المهمشين والأشد فقرا، وكذلك العيدية وألعاب العيد حتى تدخل الفرحة إلى قلوب الأطفال الذين عاشوا في بيئة مظلمة ولم يروا من الحياة إلا بؤسا .
قضية عالمية ومنحنى دولي
** كون المؤسسة دولية، فان ذلك بالتأكيد سينعكس على الأطروحات التي تقدمها، هل من توضيح لذلك وما هي أبرز الجنسيات المشاركة بها؟
•• عندما اتخذت المؤسسة المنحنى الدولي اعتبرت أن هذه القضية عالمية، فلا يجب أن نقزمها حتى يحملها فقط الفلسطينيون، بل تحملها الأمة، ومن هنا جاء الإطار العالمي للمؤسسة.
فالأفراد العاملون فيها من جنسيات متعددة، ومنهم الأتراك وكذلك فريق العمل من سوريا ولبنان وأيضا من دول المغرب والجزائر واليمن ومن غيرها من البلدان العربية والإسلامية.
فالقاسم المشترك بين هؤلاء جميعا هو حمل القضية، فهو يشعر انه صاحب رسالة، ومتاح على مدار 24 ساعة لتلبية نداء العمل. ومنذ عام 2017 اتخذت المنحى الدولية، ويقصد بها أن تحيا بالأمة وتستنهض قضية القدس، لذلك المؤسسة تعمل بنسبة 85 بالمائة من مشاريعها داخل مدينة القدس، بينما 15 بالمائة موزعة على دول الجوار مثل سوريا.
ولنا مشاريع قبل وبعد الزلزال، وأيضا تغطية الداخل التركي، وتعمل أيضا في لبنان لاسيما في السنوات الثلاثة الأخيرة بعد الانهيار، وكذلك في اليمن والروهينجا وبعض الدول الأفريقية.
** كيف تتم آليات التوصيل، خاصة وأن القدس مدينة لها طابع مختلف؟
•• الأصل في معظم الناس الذين يتابعون الأعمال الخيرية يهتمون بالشفافية، وكيفية إيصال التبرعات إلى مستحقيها، وهنا يمكن القوم أن ترخيص المؤسسة تركي، وأوراقها الرسمية تخضع لمجلس إدارة من جنسية تركية، وتتبع لمديرية تتعلق بالأعمال الخيرية، ولله الحمد مؤسستنا حصلت على العلامة الكاملة نظرا لاستيفائها جميع الشروط.
وكما هو معروف أن الدولة التركية والاحتلال بينهما تؤامه وتطبيع عمره سنوات، وهذا بدوره انعكس إيجابيا على قضية القدس، وخاصة من الناحية المالية، حيث أن البنوك بين البلدين مفتوحة، وتحول أموال المشاريع من الدول المانحة إلى الحسابات التركية، ثم تنفذها بها المشاريع داخل القدس بآلية واضحة بين المصارف التركية الحكومية والخاصة إلى المصارف داخل مدينة القدس، كما يتم أيضا مراجعة المشاريع من قبل المانحين ومن قبل الحكومية التركية مما يعطي شفافية كاملة ودقة في ارقام الحسابات وتنفيذ المشاريع على أرض الواقع.
** وما هي أبرز الأنشطة التي تقوم بها المؤسسة في الدول الأخرى التي تقدم لها المساعدات؟
•• مؤسسة إحياء الدولية تعني بالشأن الإغاثي العام في دول الجوار في المجمل، أي انها لا تعنى بالتمكين الاقتصادي أو بشؤون المرأة كما هو في القدس، فمثلا عندما وقع الزلزال في تركيا وسوريا، تحولت الكثير من الجهود والتبرعات إلى الدول التي وقع فيها الزلزال.
فالمؤسسة تعمل الآن على إنشاء مدينة تسمى مدينة القدس وتقع على الحدود التركية السورية التي تضررت بالزلزال، حيث أقمنا منازل ومسجد ومستوصف طبي ومركز نفسي.
أي أن جهود الإغاثة في الداخل السوري كانت بمثابة جهود دعم في الخيام وتوزيع سلات النظافة على أهل الزلزال، وكذلك في لبنان الآن الحاجة للطعام والشراب، خاصة وأن التضخم قد ارتفع كثيرا، ولذلك تتركز النشاطات على الإطعام اليومي، وأيضا مشاريع صغيرة لها علاقة بفرحة الأيتام خلال عيد الفطر المبارك.