في إطار ثوابت السياسة القطرية القائمة على مد الجسور وبناء أقوى الروابط والعلاقات مع مختلف دول وشعوب العالم الشقيقة والصديقة، وصل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى العاصمة بودابست، اليوم، في زيارة رسمية إلى هنغاريا، وذلك تلبية لدعوة فخامة الرئيسة كاتالين نوفاك رئيسة هنغاريا الصديقة.
وسيلتقي سمو الأمير المفدى، خلال الزيارة، مع فخامة الرئيسة كاتالين نوفاك، ودولة السيد فيكتور أوربان رئيس وزراء هنغاريا وعدد من كبار المسؤولين الهنغاريين، لبحث تعزيز علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مناقشة أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.ومن المنتظر أن تسهم زيارة سموه لهنغاريا والمباحثات التي ستجرى خلالها في دعم وتعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات وخاصة في القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وفي مجال الطاقة.وتعكس زيارة سمو الأمير المفدى لهنغاريا حرص قيادتي البلدين على تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية ورغبتهما في دفعها نحو مجالات جديدة وآفاق أرحب، والمضي بها قدما لبناء تعاون وشراكة استراتيجية تخدم البلدين ومصالحهما وتطلعاتهما المشتركة.
وتستند العلاقات بين البلدين على قيم راسخة من الاحترام والثقة المتبادلة والتعاون السياسي والاقتصادي والمصالح المشتركة، ولدى الدولتين إيمان مشترك وراسخ بأهمية الحفاظ على السلام والاستقرار الدوليين وتسوية النزاعات بالحوار والطرق السلمية، والقيام بدور فاعل ومؤثر في هذا السياق على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتتصف العلاقات بين قطر وهنغاريا بأنها علاقات وثيقة ومتميزة على الأصعدة كافة، وقد شهدت تطورا ملحوظا على مر السنين، وتعمقت بفضل الزيارات الرسمية المتبادلة بين البلدين، وتنظمها مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين الدولتين، والتي تغطي التعاون في المجالات السياسية والتجارية والصناعية والثقافية والفنية والسياحية، والرياضة والشباب، والخدمات الجوية وتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب المالي، بالإضافة للتعاون في مجالات الطاقة، والاقتصاد والأعمال، والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي.
تأسست العلاقات القطرية الهنغارية عام 1990، حيث أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على مستوى سفارات غير مقيمة، وفي أواخر عام 2004 تم افتتاح سفارة مقيمة لدولة قطر في بودابست، وقد تواصلت الزيارات المتبادلة وعلى مختلف المستويات بين البلدين، منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما، وجرى توطيد وتعزيز هذه العلاقات بعد الزيارة الرسمية الهامة التي قام بها صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إلى هنغاريا بتاريخ 12 يونيو 2002، حيث تم استقبال سموه من قبل الرئيس الهنغاري آنذاك، السيد فرنتس مادل، والتي تم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية.وفي أول زيارة لرئيس هنغاري إلى دولة قطر، قام فخامة الرئيس يانوش أدير، رئيس هنغاريا السابق، بزيارة دولة قطر في مايو عام 2014، وقد عقدت خلالها بالديوان الأميري جلسة مباحثات رسمية بين دولة قطر، برئاسة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وجمهورية هنغاريا برئاسة فخامة الرئيس يانوش أدير، وجرى خلال الجلسة استعراض علاقات التعاون الثنائية بين البلدين وسبل تنميتها وتطويرها في شتى المجالات، وكذلك التوقيع على اتفاقية للتعاون في مجال التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي بين حكومتي البلدين.
كما قام دولة السيد فيكتور أوربان رئيس وزراء هنغاريا في السنوات الأخيرة، بعدد من الزيارات لدولة قطر، كان آخرها في مايو الماضي، وقد عقد حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، ودولة رئيس وزراء هنغاريا، خلالها جلسة مباحثات رسمية بالديوان الأميري، تناولت أوجه تطوير التعاون المشترك بين البلدين، لاسيما في مجالات الاقتصاد والاستثمار، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول أبرز المستجدات ذات الاهتمام المشترك إقليميا ودوليا.
وفي حوار سابق مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/، أكد دولة السيد فيكتور أوربان حرص بلاده على بناء شراكة استراتيجية مع دولة قطر في مختلف المجالات، على ضوء تنامي علاقات التعاون بين البلدين خلال العقدين الأخيرين، وقال إن العلاقات القطرية الهنغارية تشهد نموا مطردا، كما أن البلدين حريصان على تعزيزها في شتى المجالات بما يخدم مصالح الشعبين، وقد حددا عدة مجالات استراتيجية للتعاون تمثل أولوية لهما في المرحلة المقبلة، تشمل الطاقة والزراعة والبنية التحتية، خاصة ما يتعلق بالنقل الجوي، إضافة إلى التعاون في المجالين الأمني والعسكري، مضيفا أن التعاون في مجال الطاقة أمر في غاية الأهمية بالنسبة لهنغاريا، التي تسعى لشراء الغاز المسال القطري بعد العام 2026، وأشار دولة رئيس الوزراء الهنغاري إلى أن التعاون الزراعي يمثل فرصة ثمينة للبلدين الصديقين ويعزز جهود قطر في مجال الأمن الغذائي، مضيفا أن التعاون بين الدولتين في مجال البنية التحتية يركز حاليا على قطاع النقل الجوي، وذكر أن البلدين يناقشان حاليا إمكانية استقطاب استثمارات قطرية إلى هذا القطاع وخاصة المطارات.
وقد ساعدت الزيارات المتبادلة على كافة المستويات، والاتفاقيات الموقعة بين قطر وهنغاريا، في التقارب بين مجتمع الأعمال والمستثمرين في البلدين. وفي يوليو الماضي، استضافت العاصمة الهنغارية بودابست أعمال الدورة الثالثة للجنة القطرية الهنغارية الاقتصادية المشتركة، والتي عقدت برئاسة سعادة الشيخ محمد بن حمد بن قاسم آل ثاني وزير التجارة والصناعة، وسعادة السيد بيتر سيجارتو وزير الخارجية والتجارة في هنغاريا، وتم خلال أعمال اللجنة، استعراض أوجه التعاون في مختلف القطاعات ذات الأولوية، ومنها التجارة والاستثمار والبناء والبنية التحتية والزراعة والنقل البحري، والطيران المدني والصحة والتعليم وتكنولوجيا المعلومات، واتفق الجانبان على اتخاذ الخطوات اللازمة للمضي قدما في نهج توطيد التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين، بهدف زيادة حجم التبادل التجاري بينهما، وتيسير تدفق السلع والخدمات والاستثمارات بين البلدين.وفي مارس الماضي، عقدت في العاصمة الهنغارية بودابست، أيضا، جولة مشاورات سياسية بين وزارتي الخارجية القطرية والهنغارية. وترأس الجانب القطري، سعادة الدكتور أحمد بن حسن الحمادي الأمين العام لوزارة الخارجية، فيما ترأس الجانب الهنغاري سعادة السيد تاماش مينتسير، سكرتير الدولة للعلاقات الثنائية بوزارة الخارجية والتجارة. وجرى خلال المشاورات السياسية استعراض علاقات التعاون الثنائي بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها.وتبدو آفاق التعاون بين البلدين في المستقبل واعدة خاصة مع اهتمامهما بتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية واستكشاف آفاق أوسع للتجارة البينية، وينظر القطريون إلى هنغاريا كوجهة استثمارية رائدة، خصوصا في قطاعات مثل صناعة السيارات والصناعات الكيماوية والأدوية ومشروعات البنية التحتية والزراعة وغيرها، كما أن المناخ الاستثماري في هنغاريا محفز على إقامة مشروعات قطرية هنغارية مشتركة، وهناك اهتمام بالغ من جانب /بودابست/ بتسهيل الأعمال أمام المستثمرين القطريين، كما تدعم غرفة تجارة وصناعة هنغاريا وجود مشروعات مشتركة، وبالمقابل يزخر السوق القطري بالكثير من الفرص المتاحة للتعاون بين الجانبين لا سيما في ظل المحفزات التي توفرها الدولة لتشجيع الاستثمار خاصة في قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة وغيرها من القطاعات، كما أن بيئة الاستثمار في قطر مشجعة والقوانين والتشريعات والإجراءات تسهل تدشين وممارسة الأعمال، كما توجد بنية تحتية متطورة على أعلى مستوى، وهناك فرص كثيرة في المناطق الحرة والصناعية.