حاوره : أحمد القوبري
هذه زاوية نطل بها على مختلف قضايا الساعة عبر حوارات سريعة نحاول من خلالها عبر ” لقاء اللواء” ان نسلط الضوء على الحقيقة وكل جديد في السياسة والرياضة وكل قضايا الوطن والمواطن .
وضيفنا اليوم هو السيد علي الهوني العربي وزير الإعلام الليبي السابق في حكومة الإنقاذ الوطني.
@ كيف تقرأ ملامح الخارطة السياسية في ليبيا حالياً وهل وصلت الى مرحلة ” الانسداد السياسي ” ؟
•• في البداية لا بد ان اشكر سيادتكم على الاستضافة الطيبة والتي أستهلها في قصيدة قلتها في الشعب القطري الحبيب العزيز الوفي الذي له مواقف تاريخية سجلها التاريخ بأحرف من نور فقلت :-
العروبة شرف فيكم آثار الديار .. من سر واضح منسبه معروف
مشايخ قروم وأخيار من أخيار .. من أصل متأصل شموخ ونوف
يعجز أمام الشعر والشعّار .. على أوصاف ما تلحق على الموصوف
على أهل قطر كبارهم وأصغار .. نبي نزيد لغة العرب عشرة حروف
وكما اوجه رسالتي لأهلي في قطر حكومة وشعباً واقول لهم أستمروا في دوركم الريادي في عموم الأمة العربية والإسلامية ، آثروا على ان تكون الساحة السياسية العربية والاسلامية ان يكون فيها نوع من الأستقرار وان كانت المحاولات مضنيه وكبيرة وباهضة الثمن ولكن كثر الطرق يفك اللحام.
وبخصوص سؤالك عن ملامح الخارطة السياسية في ليبيا ، فالاجابة تحتاج الى شقين ، أولاً الأمر الذي يتعلق في الليبين وارادتهم في تحقيق دولة مستقرة في المنطقة وتتمتع بامكانيات رهيبة جداً من موقع ومناخ وثروات .
طبعاً هذا الشعب عانى ما عانى طيلة فترة الثورة وما قبلها ، فكان الشعب الليبي مُغيّباً اثناء ال42 سنة ، فلا وجود الا للقيادة ، أما خلف القيادة فكان هناك ستار عازل ولا يعرف الناس من هي ليبيا ، بالتالي فإن الليبيين لديهم نوع من الأمية السياسية ان صح التعبير وفجأة أصبح الأمر السياسي كله بيدهم فتلخبطت الاوراق .
فالليبيون لم يمتلكوا تحقيق وجوه سياسية حقيقية توقف هذا القارب من الغرق ، اضافة الى الامواج الخارجية التي توجه القارب غصباً عننا الى أتون الحرب ، فالمركب ليبي والقبطان ايضاً ليبي ولكن هواه غير ليبي كما قال الفرزدق عن سيد شباب الشهداء الحسين : ان أهل البصرة قلوبهم معك وسيوفهم عليك .
فالغرب قلوبهم معنا ولكن سيوفهم علينا ، فهم يدعموا اطرافاً تثير الفتن والمشاكل ، فلو اراد الغرب استقرار ليبيا فسيكون الاستقرار بلمحة عين ، استطيع ان اقول بعد اطلاعي للنظرية النسبية الموجودة في العالم الغربي بإن ليبيا الى اليوم لم تتفق عليها الدول الكبرى ، فهناك صراع بينهم لأن ” الريموت ” خارج ليبيا في المسألة السياسية ، حتى في أبسط الأشياء على سبيل المثال طباعة العملة ، فعندما قررت روسيا طباعة العملة طبعت للمنطقة الشرقية عملتها ، وهذه العملة لا يتم تداولها في المنطقة الغربية لأنها تتبع دولة أخرى .
لقد حاولوا تقسيم البلاد سياسياً رغم ان التضاريس الطبيعية وتداخل القبائل في بعضها البعض لا يمكن ان تجعل ليبيا تنقسم ، فكل هذه المحاولات لتقسيم ليبيا بائت بالفشل فبالتالي فإن حالة الاضطراب السياسي الليبي هي مصنوعة ومفتعلة ، فالليبيين يحتاجون لقيادة حقيقية ورجل صالح ، نحن كلنا عددنا خمسة مليون نسمة تقريباً ونعرف بعضنا البعض وكلنا ابناء قبائل وممكن حتى ان نخزن أسمائنا في الجوال (إشارة الى ان العدد قليل) .
فالواقع السياسي الليبي ليس بيد الليبيين للأسف ، بل بيد قوة دولية غير متفقة ، فعندما تتفق حينها فإن الليبيين سيتفقون مباشرة ، ولو قلنا ان هناك طريق مسدود لكانت الحرب الأخيرة أنهت ليبيا ، لكن لا زال الليبيين يبحثون عن الصلح حتى لو كانوا اعداء لكنهم يريدون حلاً ، والحل الذي يريده الليبيون لا يريده الغرب ، أنا قمت بمبادرة برعاية قطرية في مسألة الحوار (الليبي الليبي) ومعي قيادات من الجنوب الليبي ، وكل الليبيين اتفقوا ان يأتوا لهذا الحوار ولكن للأسف في الأخير اتصلت بهم جهات خارجية ومنعتهم من حضور هذا المؤتمر الذي يشكل بلوره حقيقية لدولة حديثة مستقرة يتمتع مواطنوها بخيرات هذه البلاد وكما قلت سابقاً أن الريموت لا زال خارج البلاد.
العلاقات الاخوية القطرية الليبية
@ ما هو تصورك لشكل العلاقات الاخوية القطرية الليبية ؟
•• اولاً ،، رغم تباعد المسافة بين ليبيا وبين قطر لكن هناك تناغم واضح جداً بيننا ، وأحب ان اقول أنني عشت أربع سنوات في تركيا واختلطت مع كل العرب من المغرب الى المشرق ولم أرى شخص عربي شريف يذم قطري او يذم قطر وقيادتها لأن الطابع العام عن القطريين أنهم اهل نخوة وشعب مضياف وكريم ولا يحملوا صفة المكر او التكبر وهذه شهادة مني للتاريخ .
ثانياً ،، مواقف قطر تجاه ليبيا كانت ايجابية عندما بلغت القلوب الحناجر وعندما صارت ارتال السلاح تغزو بنغازي وكان حينها الأمير الوالد له دور حيث انقذ فيه ارواح كثيرة وانقذ ليبيا من الدمار في ذاك الوقت وحاول القطريون ايضاً بقدر الإمكان إقناع القذافي بشتى الطرق قبل ان تتدخل الناتو ولكن للاسف وهنا (ضع تحتها خطين) ان الدور القطري في الإعلام كان ضعيفاً فيما يخص توضيح الصورة لليبيين انفسهم .
الإخوة القطريين سمعوا إلى اطراف لم يعيشوا في ليبيا طوال 40 سنة ، هؤلاء جاءوا الى القطريين بأن لديهم مشروع ليبيا ، وخطأ القطريين انهم تعاملوا بنية صافية وصادقة مع من جاءهم بمشاريع.
احب ان اؤكد ان فن اللعبة لا يعرفها سوى اهل الدار وليس الذين يعيشوا خارج ليبيا 40 سنة وثم جاءوا جائعين ودخلوا للمطبخ السياسي من بوابته الواسعة ، واتمنى ان تتقبلوا مني هذا الكلام بصدر رحب .
اضافة ايضاً الى ان الاخوة القطريين لم يرتكزوا لقاعدة الليبي الليبي بمعنى ابن الجذور القبلية الراسخة الذين لهم تأثير حقيقي بالقبائل لأننا في النهاية مجتمع عربي قبلي ، وعلى الاقل ان هذا يعرف ما هو دور ليبيا في افريقيا وما هو دور ليبيا في الإتحاد المغاربي وما هو دور ليبيا في دول الساحل والصحراء أو ماذا يعني عندما أسست ليبيا البنك الافريقي ، هذه كلها ادوار عظيمة لليبيا بغض النظر عن من كان يقود ليبيا ، فالاحمق من يصنع له اعداء ، فما بالك اذا جعلت ابن بلدك عدواً لك .
واكرر ان من لم يعيش داخل ليبيا فهو لا يعرف الخلطة الموجودة في ليبيا ، والذي يقود الطائرة ليس شرطاً انه يستطيع ان يقود دراجة، وللعلم ليبيا تدار من الوسط وهذا سبب وضع قاعدة تركية سابقاً في الوسط الليبي وحتى الطليان في الماضي جاءوا الى الوسط الليبي وايضاً عندما جاء القذافي كانت الرئاسة في الوسط ،
وأحب ان اضيف ان ليبيا تمتلك ثالث احتياطي غاز في العالم ورابع احتياطي نفط في العالم واكبر ثروة مائية في مخزون الارض ، السمك في ليبيا يموت بالشيخوخة ، الرخام في الجنوب الليبي 13 لون ، ليبيا بها اطول نهار في العالم أي اعلى مستوى سطوع شمس ، وتستطيع ايضاً الوصول الى ايطاليا بالقارب في 4 ساعات ، ليبيا بلد يعيش على بحر من الثروات والخيرات ، ليبيا 10 سنوات وهي تُسرق وما زالت تمشي على قدمين.
حادثة الاختطاف
@ بماذا تذكرك حادثة اختطافك يوم كنت وزيراً للاعلام في حكومة الانقاذ الوطني قبل ثماني سنوات؟
•• عمر المختار قال ان الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويه ، وثباتك على الحق يكلفك الكثير ، نتائج الاختطاف اثبتت أنني شخص مهم وان وخزاتي أصابتهم في مقتل ، ولله الحمد كانت خطواتي في الوزارة واضحة بمشروع إرادة ليبية حقيقة ولا أريد التدخل من اي طرف دولي في إدارة حكم ليبيا فبالتالي جاءتني الرسالة الأولى عندما تعرضت لمحاولة اغتيال .
والرسالة الثانية هي جريمة الاختطاف ولكن تدخلت القبائل والعساكر لاخراجي من بين الخاطفين ، رسالتهم كانت اننا نستطيع ان نتبنى اختطافك وقتلك ، وطبعاً كانت الجهة معروفة ومن خلفهم معروف ايضاً .
@ الى أي مدى يمكنك وصف دور الإعلام في مسار حكومة الانقاذ السابقة ؟
•• الإعلام في حكومة الإنقاذ واجه صعوبات لا استطيع ان احصرها في لقاء لكن على سبيل المثال فإن الاشتراكات في القنوات التلفزيونية الليبية وهي (الاربع قنوات) عن طريق النايل سات ، فقد تدخلت السياسة القذرة في هذا الجانب ومنع عننا الاشتراك في النايل سات ، رغم ان النايل سات شركة خاصة تمتلكها مجموعة دول وحتى ليبيا لها جزء ايضاً .
فالمفروض ان لا تركن هده الشركة للصراع السياسي في الدول ، لك الحق ولك شروط معينة يجب ان تلتزم بها مثل دفع الرسوم السنوية والاشتراكات وكذلك ان لا تحرض على الارهاب او القتل وفي النهاية تحايلنا عن طريق شركة أعتقد انها كويتية اخذت حزمة من النايل سات وعن طريقها استطعنا ان نفتح خط.
وطبعاً كانت الإمكانيات المادية في الحكومة ضعيفة ولم يمنح المصرف المركزي ميزانية للوزارة وبالتالي كان نشاطنا نوعاً ما بقدر مجهودات بسيطة لدرجة أننا جمعنا تبرعات للوزارة حتى نواكب مستوى معيناً من الأخبار ومن جانبي الذي اقدر عليه عملته ولكن الإمكانيات تبقى هي العائق ، ناهيك ان هناك تهديدات تصلني تباعاً وكان هناك دور لبعض الدول كإختطاف مذيع او تهديد قناة او قطع كهرباء لذلك طيلة فترة الوزارة ونحن في طوارىء مستمر.
جراح مثخنة
@ ليبيا الجديدة الى أين تمضي ؟
الجراح المثخنة التي في جسد ليبيا وفي قلوب الليبيين لا يمكن تجاوزها بشكل عبثي ولا يمكن ان نتغاضى عنها ، هناك الآلاف من المبتورين وهناك الآلاف من الأرامل واليتامى ، هناك ناس فقدت بصرها وكل هذا يحتاج الى علاج نفسي وتكاليف مادية باهضة ،
العلاج النفسي يكون بنسيان الماضي والتطلع الى ليبيا وان نعرف ان قدر الله فيه اللطف اضافة الى ان ليبيا بها خيرات عديدة لو طاحت في إدارة دولة حقيقة لارتاح الليبيين ، فالناس يطلبون معيشة كريمة لا اكثر ، والى الان ما زالت البنية التحتية في ليبيا متهالكة ، يفترض ان فرص الاستثمار الخليجية تكون مفتوحة بنسبة كبيرة ولكن للأسف كما قلت لك سابقاً ان الريموت خارج البلاد
الدور الاقليمي
@ما هو الدور الاقليمي ومدى تاثيرة في سياسة ليبيا اليوم ؟
•• طبعاً هناك تجاذبات سياسية بين الاطراف الاقليمية في الدور الليبي كالدور الغربي وعلى سبيل المثال نرى ان الجزائر وقطر حريصين على استقرار ليبيا ووحدتها والحصول على سيادة كاملة للتراب الليبي.
عندما دعاني وزير الخارجية الجزائري في ليبيا والتقيت به قال لي اتحدى اي ليبي يقول بان نحن الجزائريين ادخلنا خرطوشة الى ليبيا .
بينما اذا جئنا الى الدور المصري فللأسف ان الجيش المصري قصف في درنه ومصراته مع ان مصر في الأمة العربية يجب ان يكون دورها دور الاخ الاكبر والذي يطبطب على المجروح باعتبار ان مصر العريقة لديها عمق ثقافي ومعرفي وتاريخي وارتباطنا معهم ارتباط وجودي ولكن للأسف لم يكن دورهم ايجابي بل كان عدواني رغم انه في حالة استقرار ليبيا سوف تستفيد مصر الكثير من هذا الاستقرار .
أما تونس فلديها مشاكلها ، تنهض وتتعثر وتنهض من جديد ، ولم ترتاح منذ 2011 الى اليوم ولم تستقر ، اضافة الى ان السياحة ضربت ببعض العمليات الارهابية ،وتونس تعيش على قطاعين ، الزراعة والسياحة .