حوار خاص مع الدكتور عصام البشير رئيس مؤسسة أمناء الأقصى : خارطة الطريق الى الأقصى تمر من غزة

@الأقصى عنوان المعركة والبوصلة التي تحدد مسيرة الأمة

@طوفان الأقصى جاء عبارة عن هبّة صلاح الدين من أهل غزة العزّة حينما بلغ الاحتلال مداه

حاوره في اسطنبول : أحمد القوبري

هذه زاوية نطل بها على مختلف قضايا الساعة عبر حوارات سريعة نحاول من خلالها عبر ” لقاء اللواء” ان نسلط الضوء على الحقيقة وكل جديد في السياسة والرياضة وكل قضايا الوطن والمواطن .
وضيفنا اليوم الدكتور عصام البشير ،رئيس مؤسسة أمناء الأقصى للدعاة وخريجي الشريعة، ونائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ووزير الأوقاف السوداني الأسبق .

@ دكتور ، بكل سرور ، نلتقي بكم ، بصفتكم رئيساً لمؤسسة أمناء الأقصى ، ماذا يجسد اجتماعها في اسطنبول في هذا الظرف العصيب من حياة الشعب الفلسطيني ؟
•• في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ أمتنا ، هي محاولة لجمع العلماء وتحشيدهم توعية وتعبئة في مسار الأمة نحو نصرة الأقصى والأسرى والمقدسات ، وما يجري لإخوتنا من إبادة شاملة وتهجير وتدمير في ظل التواطؤ الدولي وفي ظل عجز الحكومات العربية والإسلامية من أن تفعل شيئاً له قيمة في إيقاف هذا النزيف الدامي على ثرى الأرض المقدسة .
فمحاولة تجسير الهوّة بين ما هو مطلوب وبين ما يمكن أن يقوم به العلماء على إختلاف مؤسساتهم وتنوع تجمعاتهم وتعدد طاقاتهم “والكلمة البالغة لها أثر” ، وايضاً هي محاولة لأن نتحرك في تعزيز النصُرة بكل ما هو متاح وما هو في وسع الأمة سواء كان إسناداً مالياً بالجهاد المالي الذي قُدّم على الجهاد بالنفس بالعديد من الآيات الكريمة أو جهاداً إعلامياً بالكلمة المقروءة والمكتوبة والمرئية والمسموعة التي لها أثرها البالغ ، أو كان جهاداً مجتمعياً أو كان جهاداً روحياً ، وكل الوان النُصّرة التي يمكن أن تقوم بها الأمة ، وهي دعوة للاحتشاد والحمدلله لقد أستطعنا أن نستقدم 190 من علماء الأمة من ثلاثين دولة وكذلك 210 من العلماء في الداخل (تركيا) ، فأحتشد حوالي 400 عالم يمثلون أقطاراً شتى وبلاداً مختلفة في تحقيق الحد الأدنى من الواجب ، وحاولنا أن نجمع في المؤتمر بين رنين الكلمات ووهج العطاء العملي للانتقال بالإسناد المالي .
ونرجو أن يكون هذا اسهاماً متواضعاً ضمن إسهامات كبيرة تقوم بها الشعوب والمجتمعات ، ونحن نتمنى أن ينهض تحالف عالمي علمائي قانوني من الهيئات والأحزاب الوطنية والإسلامية والنقابات واتحاد الطلاب وتجمعات المرأة وحتى أصحاب الضمير الحر من أحرار العالم الذين يقتنعون بعدالة قضيتنا بإن يكونوا دعماً لنا في هذا المشروع .

هبة من صلاح الدين

@ كيف ينظر علماء الأمة الى طوفان الأقصى كاستنهاض لهمم رجالها وفرسانها ؟
•• طوفان الأقصى جاء عبارة عن هبّة صلاح الدين من أهل غزة العزّة حينما بلغ الاحتلال مداهُ في محاولات تهويد المسجد الأقصى بعد التقسيم الزماني والمكاني وتقييد حركة المرابطين والمرابطات واعتقالهم والتضييق عليهم وكادوا أن يُطبقوا عليهم ليقيموا هيكلهم المزعوم ، فجاءت هذه الهبّة من غزة إنتصاراً للمسجد الأقصى وللأسرى ولهذه المقدسات في ظل عجز الامّة وتخاذل كثير من حكامها ، ومن هنا أعتقد أن واحدة من منح هذه الأزمة انها جددت العزيمة الماضية في همّة الشعوب.
والله سبحانه وتعالى يجعل المنح في طيات المحن ويجعل العطايا في الرزايا ، ولأن فرّقت الأمة كثير من القضايا التي شغلت المسلمين والعرب مثل اليمن والعراق وليبيا وسوريا والسودان فإن هذه القضية هي التي تجمع شتات الأمة من جديد وحرّكت أصحاب الضمير الحر .
وقد رأينا حتى في الولايات المتحدة الأميركية التي يتبارى حكامها ومسؤولوها في التواطؤ مع هذا الكيان الغاصب ، نهضت المسيرات حتى في المدن الكبرى هناك تناهض ما وقع من إعتداء آثم على أهل غزة وهذا يؤكد ان الحاجة الى هذا الحلف العالمي كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع “حلف المطيبين” و “حلف الفضول” الذي كان قائماً على نصرة المظلوم وردع الظالم في مكة وقال صلى الله عليه وسلم (لو دعيت به في الإسلام لأجبت) ، واليوم نحن نحتاج الى هذا التحالف العالمي ، وهذه الهبّة مافي شك أنها ايقضت الشعوب وحفّزت الهمّة واستنهضت العزائم ونرجو أن تتواصل وان لا تكون جذوة ساعة إنما تكون مستمرة الى أن شاء الله أن ينقلع هذا الاحتلال وتتحرر المقدسات.

@ هل يمكن للأمة أن تجعل من القدس بوصلة الصراع مع العدو الغاصب ؟
•• لا شك أن الأقصى اليوم عنوان المعركة وهو البوصلة التي تحدد مسيرة الأمة ونحن نرى رغم الفارق الضخم بما يمتلك العدو من ترسانه هائلة نووية وقوة عسكرية ضاربة برية وبحرية وجوية .
ورغم هذا الاحتشاد الذي توافر إليه من حاملة الطائرات والبوارج التي تم إمداد الدولة الصهيونبة بها ورغم المليارات لرفع الأقتصاد لديهم ورغم أنقطاع اي دعم واي مساعدات لأهلنا في غزة ولكن المقاومة تشكل صموداً عز نظيره ، هذا عون الله تعالى وفضله وتوفيقة ، ونؤكد أن هذه فعلاً هي البوصلة الحقيقية التي تقود الأمة الى صراع حقيقي بيننا وبين هذه القوى الباطشة وإن شاء الله إنما النصر صبر ساعة .

دور الأئمة والعلماء

@ في هذه المرحلة الدقيقة من صمود شعبنا ومقاومته للعدو الغاشم ، ماهو دور أئمة المسلمين ومنابرهم ؟
•• انا كم أشرت الى أن الأئمة والعلماء والخطباء والدعاة والأساتذة والمربين لهم دور عظيم ، وهنالك مساران كبيران ، الأول مسار التوعية التي يتم بها كشف وفضح مخططات العدو ومن والاهم ومن ناصرهم ومن أزرهم من جهة ، فالتوعية بواجب الأمة أمام نصرة هذه القضية ، كل بحسب موقعه ، سواء أرباب المال أو أرباب العلم وأرباب الصناعات وأرباب الإعلام .
الكل يستطيع ان يقدم شيئاً ، والمسار الثاني هو (التعبئة) ، التحشيد والاستنفار (انفروا خفافاً وثقالاً) ، وتحقيق هذا النفير والذي له صور كثيرة جداً ، فيمكن للشعوب اليوم أن تتحرك على صعيد العصيان المدني للضغط على حكوماتها والمسيرات أمام سفارات الكيان المغتصب والدول المواليه له لتُعبّر عن غضبها لتتخذ الحكومات الحد الادني كطرد السفراء وقطع العلاقات وإيقاف التطبيع بكل صوره وأشكاله السياسية والدبلوماسية والثقافية.
فالأمة تملك نقاط قوة ولكن نحتاج الى إرادة في القرار وإدارة لتحويل هذه الإرادة الى مشاريع وبرامج وعمل ، ولا نستهين حتى في أبسط الأمور مثل الكاريكاتير والسوشال ميديا ،فهي قادرة على ان تلعب دور ويكون لها أثراً وأن تلهب وتحرك شعوباً .
لقد رأينا مقاطع مدتها أقل من دقيقة من أطفال غزة تفعل فعل السحر في النفوس فكل هذه الأدوات مهمة ، وعلى العلماء ان يتحركوا ويحتاجوا ان يزوروا الدول.
على سبيل المثال في عام 2008 وبمبادرة كريمة من العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رحمه الله نحو نصرة القضية الفلسطينية ، تم الإتصال بالامير الوالد الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني ، ورحب بلقاء الوفد المكون من المشير سوار الذهب والشيخ عبدالله نصيف والدكتور سلمان العودة والدكتور الشيخ علي القرة داغي والاستاذ اسحاق الفرحان من الاردن وكان هناك جمع كبير ، وهيأ للوفد طائرة أميرية وتم الترتيب من خلال الديوان بزيارة المملكة العربية السعودية وجمهورية سوريا والمملكة الاردنية وتركيا ، وانطلقنا من قطر بهذه الطائرة الى مقابلة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وثم مقابلة الرئيس السوري وثم ملك الاردن وثم الرئيس التركي وقام العلماء بتذكير الرؤوساء بنصرة القضية.
وبعد العودة أقمنا مؤتمراً صحفياً في مطار الدوحة ، فلذاك يجب الإتصال بالحكومات والتذكير بواجباتها والإتصال ايضاً بالشعوب وتوعيتها وتعبئتها وتحفيزها بمنظمات المجتمع المدني ومؤسساته الحيه وقواه الفاعلة وتحريك طاقات الأمة ومخاطبة ايضاً أحرار العالم وإقامة الحجة على الطغاة المستبدين حتى من دول الغرب بإن هذا في النهاية له تبعات وله آثار كبيرة ستحدث بينكم وبين العالم الإسلامي ، وكل هذا من واجبات الوقت وفرائض الساعة التي يتعين على العلماء القيام بها .

@ هل أدى الدعاة دورهم في نصرة الاقصى ؟
••لا أحد يزعم انه أدى دوره إلا الذين يمسكون بزمام الزناد ، هم المتمثلون في المقاومة والمجاهدون ، هم أطفال غزة ، هم نساء غزة ، هم شباب غزة هم شيوخ غزة ، هم رجالها ، هم الذين يعملون أطباء وطبيبات وممرضين وممرضات هم الذين يغيثون أهلنا داخل غزة ، هؤلاء هم الذين قاموا بالواجب نيابة عن الأمة ، أمّا كل من كان في الخارج فمهما أجتهد لا يساوي الا نزراً يسيراً فيما تتطلبه غزة .

@ خارطة الطريق الى الأقصى من أين تمر ؟
•• ان شاء الله تمر من غزة من حيث الموقع ، وما ستلقنه من درس وان طال على الناس انه بعيد المنال.
هذا الجهد الذي يتلائم معه فرقة اهل الضفة وأهل القدس ومن كان في أكناف بيت المقدس هو بداية الطريق ان شاء الله وبداية صحوة شعوب الأمة وبداية لإيقاض هذا الشعور الملتهب وان يتحول الى برنامج عمل وتخطيط استراتيجي يقود الى ان يقُتلع هذا الاحتلال الجاثم على صدر امتنا ، (فقد يلين زمان بعد قسوته وقد تعود الى أوراقها الشجر) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى