سمو الأمير المفدى يفتتح دور الانعقاد العادي لمجلس الشورى


تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فشمل برعايته الكريمة افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين لمجلس الشورى، وذلك في قاعة تميم بن حمد بمقر المجلس صباح اليوم.
حضر الافتتاح صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وسمو الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي للأمير، وسمو الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني، وسعادة الشيخ جاسم بن خليفة آل ثاني.
كما حضر الافتتاح معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وعدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة والأعيان.
وألقى سمو أمير البلاد المفدى “حفظه الله” خطابا بهذه المناسبة، وفيما يلي نصه: بسم الله الرحمن الرحيم حضرات الإخوة والأخوات، أتقدم إليكم بخالص التحية والتهنئة ببداية دور الانعقاد السنوي لمجلسكم الموقر متمنيا لكم دورا تشريعيا موفقا، كما أشيد بما قدمتموه في دورتكم السابقة من جهد في إطار المنظومة التشريعية للدولة في كافة المجالات.
الإخـوة والأخــوات، كما جرت العادة في لقائنا السنوي، أبدأ كلامي معكم اليوم بالشأن الاقتصادي.
وعلى الرغم من توقع تراجع النمو بين عامي 2022 و2023 لأسباب معروفة متعلقة بالانتهاء من مشاريع كأس العالم وإنجاز مشاريع البنية التحتية الأساسية وغيرها، واصل الاقتصاد المحلي النمو خلال العام 2023. وتشير التقديرات إلى نمو إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة بنسبة 1.2%، مدعوما بنمو القطاع الهيدروكربوني بنسبة 1.4%، والقطاع غير الهيدروكربوني بنسبة 1.1%.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن نسبة نمو الاقتصاد المحلي ستبلغ 2% بنهاية العام الجاري، على أن ترتفع معدلات النمو خلال المدى المتوسط 2025 – 2029، لتصل إلى 4.1% سنويا بدعم من التوسع في مشاريع إنتاج الغاز، ومشاريع الصناعات التحويلية، ومبادرات إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة.
كما واصل معدل التضخم الانخفاض خلال العام الجاري، حيث بلغ 1.4% حتى نهاية شهر يوليو، في حين بلغ 5% و3% خلال العامين 2022 و2023 على التوالي، ما يعكس نجاح السياسات المالية والإجراءات التي طبقتها الدولة لضمان استقرار سلاسل الإمداد وتوفر السلع الأساسية وضبط الأسعار. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى استقرار معدل التضخم خلال المدى المتوسط عند مستوى 2%.
وتستمر الدولة في توجيه فوائض الموازنة العامة نحو خفض الدين العام، وزيادة الاحتياطات المالية لمنحها القدرة والمرونة للاستجابة للتحديات المالية التي قد تطرأ نتيجة تقلبات أسعار الطاقة، أو أي تحديات اقتصادية أخرى.
وقد تمكنت الدولة من خفض مستوى الدين العام من قرابة 73% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 إلى ما دون 44% بنهاية عام 2023.
وقد ساهمت السياسات المتبعة في رفع التصنيف الائتماني للدولة من جانب الوكالات الدولية مع المحافظة على نظرة مستقبلية مستقرة.
وتحرص الدولة على المواءمة بين سياسة الإنفاق المتزنة، والتي أدت إلى تحسين مركزها المالي خلال السنوات الماضية، ودعم النمو والتنمية الوطنية في الوقت ذاته، حيث خصصت الموارد المالية اللازمة للمبادرات الحكومية للسنوات 2024 – 2028 وفقا للأولويات، وبما يتماشى مع أهداف إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، والتي تشمل دعم قطاعات التجارة والصناعة والبحوث والسياحة، والتحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات، وتطوير الأنظمة المالية والإدارية، وتعزيز التنمية البشرية بهدف تحقيق التنويع والاستدامة الاقتصادية. نحن جادون بالاستثمار في هذه القطاعات، وهذا الاهتمام يجب أن يقابله اهتمام مماثل بتطوير الكفاءات والخبرات البشرية في المجالات كافة، وتقييم العاملين بموجب معايير المهنية والنجاعة وجودة المخرجات، وتعزيز أخلاقيات العمل وتنمية الحرص على الشأن العام.
الإخـوة والأخــوات، في إطار تعزيز الإنتاج المحلي والفرص المتاحة أمام القطاع الخاص، وبعد أن طبق برنامج القيمة المحلية في المشتريات الحكومية في أغسطس من عام 2022، صدر توجيه باستهداف نسبة نمو لا تقل عن 10% سنويا في قيمة المحتوى المحلي، ووضع خطط لتوطين القطاعات الاقتصادية المختلفة، والعمل على وضع آليات مثل إلزامية قوائم المشتريات والعقود طويلة الأمد، مع ضرورة مراعاة جودة المنتج المحلي ومنافسته للمنتجات المستوردة.
وعملت الدولة على دعم القطاع الخاص من خلال بنك قطر للتنمية والشراكات في المشاريع الزراعية الخاصة، وتطوير القطاع العقاري من خلال دعم استراتيجية تطويره، وإطلاق المنصة العقارية للدولة، التي تعزز الشفافية من خلال البيانات واستخدام التكنولوجيا المتقدمة، ما يشجع الاستثمار المحلي والدولي في قطاع العقارات. وضمن التزام الدولة بتعهداتها البيئية، أطلق أول إطار تمويل أخضر سيادي في المنطقة بأعلى المعايير العالمية في مجال التمويل المستدام والتمويل الأخضر. وتبعه إصدار سندات خضراء حكومية في أسواق الدين العالمية، وتجاوزت طلبات الاكتتاب في ذروتها حوالي ستة أضعاف حجم الإصدار مع تنوع جغرافي ومؤسساتي واسع، ما يؤكد على الثقة العالمية لدى المستثمرين في الأداء المالي والاقتصادي للدولة وتوجهاتها المستقبلية.
الإخـوة والأخــوات، نحن نولي اهتماما خاصا للعلاقات مع الأشقاء في الخليج ودفع مسيرة التكامل بيننا. وفي ظل رئاسة دولة قطر للدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، فإننا لم ندخر جهدا مع أشقائنا قادة دول مجلس التعاون لدعم مسيرتنا الخليجية، ودفع العمل المشترك، بما يلبي طموحات شعوبنا.
وعموما، فيما يتعلق بسياستنا الخارجية، فقد حرصنا دوما على إقامتها على ثوابت أساسية ومبادئ مستقرة، تحقق أهدافنا ومصالحنا الوطنية، وتتفق مع قيمنا وتعكس انتماءنا الإسلامي والعربي والخليجي، وتفي بالتزاماتنا الدولية وشراكتنا الفاعلة مع المجتمع الدولي في مواجهة التحديات العالمية بما يحقق الخير للبشرية جمعاء.
وفيما عدا الموازنة بين القيم والمبادئ والمصالح، ترتكز سياستنا الخارجية أيضا على الواقعية السياسية والتقدير الواقعي لما يمكن أن نقوم به. ونحن نتبع نهج الحوار والدبلوماسية الوقائية، وندعم الحلول السياسية التوافقية وتسوية المنازعات بالطرق السلمية، ونضطلع بالوساطة حين يكون ذلك ممكنا، ما يتطلب المرونة اللازمة لأداء هذا الدور.
ولا يخفى عليكم ما تشهده منطقتنا من أحداث وتطورات بالغة الدقة والخطورة، تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم بأسره.
وتظل القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتنا، فلقد مر عام على العدوان الوحشي على أهلنا في غزة والضفة الغربية؛ عام من التدمير وجرائم الإبادة الجماعية في ظل استمرار عجز وتقاعس المجتمع الدولي عن وقف هذه الحرب البشعة، التي انتهكت كافة القيم التي تجمع الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية والشرائع الدينية. وتستغل إسرائيل فرصة تقاعس المجتمع الدولي وتعطيل مؤسساته وإحباط قراراتها لتنفيذ مخططات استيطانية خطيرة في الضفة الغربية، وراحت توسع عدوانها إلى لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى