بدت الاحتجاجات الجارية أمام مقرات الجيش السوداني وكأنّها مهرجان ثقافي صيفي أكثر من كونها ثورة. أحد الموسيقيين السودانيين المشاهير بدأ يعزف على الكمان داخل سيارته. وظهر مسلمون صوفيون يرتدون ملابس مُلوّنة في مشهد ملحمي مع أولئك الذين يُغنون التراتيل المسيحية.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير مُطوّل على موقعها الالكتروني، الثلاثاء، إن بعض المتظاهرين أحضروا أطفالهم إلى موقع الاعتصام ليتذوقوا نشوة تحقيق هذا الإنجاز الرائع: نجح المتظاهرون، في الإطاحة بالرئيس الاستبدادي المنبوذ عُمر البشير، بعد 30 عامًا من حُكمه الطاحِن.
لكن داخل القيادة العامة للقوات المُسلحة بالسودان، لا يزال رجال البشير، يحكمون ويُجرون مُحادثات حسّاسة مع مُتحدّثين شباب غير معروفين لهذه الانتفاضة اليافِعة التي لم تكتمل بعد- على حدّ وصف الصحيفة.
من جهةٍ أخرى، لا يبدو أيٍ من الطرفين قادرًا على تمييز الحليف من العدو؛ وخاصة بين المُحتجين الذين يخشون أن يخدعهم قادة المجلس العسكري الانتقالي ويُجهِض حلمهم بالعودة إلى الحُكم المدني. قالت سلمى علي، وهي مُدرسة شاركت الاحتجاجات: “اقتلعوا الرأس، ولكن الجسد لا يزال باقيًا”، في إشارة إلى نظام البشير.
شارت الصحيفة إلى أن شبح الثورات الأخرى يُلاحق انتفاضة السودان. يشعر البعض بالقلق من أن يلقى البلد، أحد أكبر وأفقر بلدان أفريقيا، نفس مصير ليبيا، حيث أدخل سقوط معمر القذافي بعد 40 عامًا على رأس السلطة، البلاد في دوامة من الفوضى ما تزال عالقة بها.
وفي السودان، بدا الأمر في كثير من الأحيان وكأن الأحداث تسير على هوى المتظاهرين منذ السقوط المأساوي للبشير قبل ان يكشف المجلس العسكري عن وجهه الحقيقي ليستخدم لغة البطش تجاه الابرياء .