لم “يمت” الربيع العربي، لا في مصر، عندما ذُبح أكثر من ألف شخص في يوم واحد في ميدان رابعة العدوية في القاهرة في أغسطس 2013، ولا في الحرب الأهلية السورية، التي بدأت، كما يجب تذكرها دائما، بتظاهرات سلمية في درعا.
وبقيت جمرات الثورة الشعبية مشتعلة برغم تدفق الأموال الخليجية الهائل من أجل قمعها، ورغم وصم المتظاهرين بـ”الإرهابيين”، والاعتقالات الجماعية والقتل في السجون بعد التعذيب والمعاناة الشديدة.لماذا يحدث ذلك؟ لأنه، بالنسبة للشباب، تكثفت الأسباب التي تدفعهم لأن يثوروا، والتي تتلخص بالبطالة والفساد والقمع.
ثانيا: لم يعد المتظاهرون يعيرون أي أهمية لأولئك الذين يخبروهم بأنهم “غير جاهزين” للديمقراطية، وأنه في حال عدم قبولهم للفتات الذي تمنحهم إياه الأنظمة، فإن مصير بلادهم سوف يكون مثل سورية أو اليمن أو ليبيا.
ويواصل هؤلاء الهتاف من أجل الحرية السياسية بالطريقة نفسها التي انتهجها إخوانهم وأخواتهم في ميدان التحرير، فهم لا زالوا في مرحلة الشباب، ما يعني أنهم غير خائفين ولن يتم خداعهم بشعارات داعمة مزيفة.ثالثا، لا تزال الثورة الشعبية تحافظ على ذات النفس “المُعدي” والعابر للحدود كما كانت عليه قبل ثمانية أعوام، فبعد نجاح تونس الصغيرة في خلق شرارة أشعلت ثورة أكبر بكثير في مصر، فما الذي ستؤدي إليه الأحداث في السودان والجزائر؟
لا يبدو أن مستبدّي الثورات المضادة الذين تمكّنوا من السيطرة على مقاليد السلطة عام 2013 أو ما بعده، تعلموا الدروس ذاتها، فقد صوتت اللجنة التشريعية للبرلمان المصري، التي يهيمن عليها أنصار الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم الثلاثاء الماضي، لصالح تمديد ولاية الديكتاتور الحالية لعامين آخرين، والسماح له بالترشح لفترة ولاية أخرى مدتها ست سنوات.
وقد يُصاغ دستور جديد يسمح للسيسي بتمديد ولايته إلى ما بعد 2030.ويثير احتمال بقاء السيسي في السلطة لعقدين قادمين، غضب معظم المصريين، وإذا ما استطاع المصريون التعبير عن آرائهم دون الخوف من التعرض للاعتقال أو الإخفاء القسري أو القتل، فسيكونون ضده بأغلبية ساحقة.
ووقّع أكثر من 250 ألف شخص على عريضة بعنوان “باطل”، على الرغم من الجهود الهائلة التي بذلها مزوّدو خدمات الإنترنت في مصر والسودان لحجب الموقع.