في اطار لعبة العروش ..الصعود المبهر والانهيار المأساوي لابن نايف

يبدو أنّ فصلًا جديدًا مظلمًا قد بدأ في معركة “لعبة العروش” السعودية التي تهدف إلى السيطرة بينما يعدّ محمد بن سلمان تهم فساد وعدم ولاء ضد سلفه ومنافسه السابق، ولي العهد الأسبق محمد بن نايف – الذي كان في الماضي أحد أبطال الحرب الأميركية ضد الإرهاب الإسلامي.

بدأت مواجهة العائلة المالكة بالتصاعد منذ خلع محمد بن سلمان لسلفه في يونيو 2017. تكمن الجذور في عمق التنافس المرير بين أنصار الملك الراحل عبد الله الذي ساند محمد بن نايف وبين الحاشية التي أحاطت بخليفته الملك سلمان وابنه المندفع محمد عندما تولى الملك الجديد السلطة بعد وفاة عبد الله في يناير/كانون الثاني 2015.

وتقول مصادر سعودية وأميركية إنّ لجنة مكافحة الفساد التابعة لمحمد بن سلمان على وشك الانتهاء من تحقيق مفصّل في مزاعم مفادها أنّ محمد بن نايف حوّل بشكل غير شرعي مليارات الريالات السعودية من خلال شبكة من الشركات الوهمية والحسابات الخاصة عندما كان يدير برامج سعودية لمكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية. عمل محمد بن نايف هناك كمساعد رئيس لوالده الأمير نايف، ثم خلفه كوزير منذ عام 2012 وحتى 2017. قال أحد شركاء محمد بن نايف إنّ المحققين السعوديين طلبوا منه سداد 15 مليار دولار يزعمون أنه سرقها، على الرغم من أنه ليس من الواضح كيفية وصولهم إلى هذا الرقم. طلب الشريك عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المسألة، مثله مثل بعض الأشخاص الآخرين الذين تم الاتصال بهم للحصول على معلومات من أجل هذه المقالة.

ويقول أنصار محمد بن نايف إنّ هذه الاتهامات كاذبة ومتناقضة مع المرسوم الملكي لعام 2007 الصادر عن الملك عبد الله الذي منح الإذن لكافة أنشطته، ونصّ على تقرير سنوي مفصّل بشأن إنفاقه. الوثائق السعودية الداخلية المقدمة من أحد شركاء محمد بن نايف والتي تمت مراجعتها من قبل صحيفة البوست تدعم ادعاء محمد بن نايف بأنّ أنشطته المالية السرية تمت الموافقة عليها من قبل الملك الراحل على الأقل في الخطوط العريضة.

وأكد مرسوم سري صدر في 27 ديسمبر/كانون الأول 2007 يحمل توقيع عبد الله المميز أن “مساعد وزير الداخلية [محمد بن نايف] سيستمر في … إدارة هذا الصندوق ونفقاته بطرق تدعم جهود مكافحة الإرهاب”. كما يأذن المرسوم لمحمد بن نايف أن ينشئ “الوسائل المناسبة في القطاع الخاص” لإخفاء الأنشطة الحساسة. ينص المرسوم على أن محمد بن نايف “سيطلعنا في نهاية كل سنة مالية” على إنفاق الصندوق السري.

يلخص تقرير من عام 2013 قدمه محمد بن نايف إلى عبد الله – والذي راجعته الصحيفة – الإنفاق السري لمكافحة الإرهاب في تلك السنة المالية. تطلب الوثيقة المؤرخة في 20 مايو/أيار 2013 الموافقة على إنفاق 5 مليارات ريال سعودي (حوالي 1.3 مليار دولار) على ثمانية مشروعات، منها 378 مليون ريال لـ”المطارات السرية”، و1.6 مليار ريال لـ”خدمات النقل الجوي”، و1.5 مليار ريال مقابل “موارد” أمنية مثل الأسلحة. (قد يشير مرجع “المطارات السرية” إلى مشروع كشفت عنه هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في فبراير/شباط 2013 لبناء قاعدة طائرات بدون طيار في المملكة قبلها عامين.)

وأوضح المدير السابق للـ”سي آي أيه” جون برينان والذي عمل بشكل وثيق مع محمد بن نايف لأكثر من عقد في مقابلة: “تم تزويد وزارة الداخلية بميزانية حتى يتمكنوا من بناء القدرات وتجنيد الأفراد وتطوير اتصالات أجهزة المخابرات لاختراق القاعدة. … كان رأي عبد الله أنه يجب أن يستثمر في الأنشطة التي يقودها محمد بن نايف. كان محمد بن نايف أحد المفضلين لديه.”

تحدث برينان عن الادعاء الذي ادعاه إليّ السعوديون المقربون من محمد بن سلمان بأنّ محمد بن نايف اختلس أموالًا من حسابات استخباراتية.

وقال برينان: “على مدار تفاعلي مع محمد بن نايف، لم يكن شخصًا اعتقدتُ تورطه في نشاط فاسد أو كان يسرق المال.”

جورج تينيت، الذي كان مدير “سي آي أيه” عندما سيطر محمد بن نايف على حقيبة مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية في عام 2003، تحدث بشكل إيجابي للغاية عن محمد بن نايف في مذكراته بعنوان “في مركز العاصفة: سنواتي في السي آي أيه” التي نشرت في عام 2007. كتب: “لقد كان شخصًا طورنا فيه قدرًا كبيرًا من الثقة والاحترام. إنّ العديد من النجاحات في تفتيت القاعدة في المملكة هي نتيجة جهوده الشجاعة.”

توضح قصة محمد بن نايف كما رواها أصدقاؤه وشركاؤه تحول المملكة البطيء نحو التحديث، حتى عندما كانت تمزقها الغيرة والعداوات العائلية. نشأ الأمير البالغ من العمر الآن 60 عامًا في السياسة الحاكمة للمملكة. كان لديه وجه لطيف يرتدي النظارة، وكان ابنًا ثانيًا مطيعًا. كان والده نايف، نجل المؤسس الأسطوري الملك عبد العزيز بن سعود، وزيرًا للداخلية لمدة 37 عامًا منذ عام 1975 إلى 2012.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى