قطر وتركيا.. شراكات استراتيجية راسخة وآفاق اقتصادية واعدة 

يبدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، زيارة عمل للجمهورية التركية الشقيقة، تعزيزا للعلاقات الأخوية الوطيدة والاستراتيجية بين دولة قطر والجمهورية التركية. ويتطلع البلدان لتعزيز الروابط الأخوية الوطيدة والعلاقات الاستراتيجية بينهما والتي تطورت وتجذرت على مدى عقود طويلة من الزمن لتغطي القطاعات الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والاستثمارية والتنموية والثقافية وغيرها وصولا لتحقيق المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الشقيقين.

وقد ارتقت العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى مستويات الشراكة التكاملية المنشودة بفضل الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى “حفظه الله”، وأخيه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا الشقيقة.

فالعلاقات القطرية التركية التي بدأت رسميا عام 1979، بافتتاح سفارتي البلدين بالدوحة وأنقرة، قوية ومتينة في كافة المستويات، وزاد من قوتها تأسيس اللجنة الاستراتيجية العليا المشتركة بين قطر وتركيا عام 2014، التي استضافت الدوحة دورتها الأولى، خلال ديسمبر من العام التالي، وعقدت منذ تأسيسها سبعة اجتماعات، مناصفة بين البلدين، نتج عنها إبرام ما يزيد عن ثمانين اتفاقية بمجالات متنوعة. ولا تتوقف الزيارات الرسمية المتبادلة على أعلى المستويات بين البلدين وكذلك المشاورات السياسية، حيث ترتبط الدوحة وأنقرة بعلاقات صداقة وأخوة استثنائية في تميزها وعطائها، نتيجة التقارب الكبير على مستوى القادة والشعب والقواسم المشتركة بين البلدين الشقيقين، والتضامن اللامحدود بينهما وقت الأزمات، إلى جانب الرؤى السياسية المتناغمة إزاء كثير من الملفات والقضايا، كما تتشارك الدولتان توجهات سياسية واحدة تعتمد الحوار والدبلوماسية وتفعيل جهود الوساطة أساسا للأمن والاستقرار والسلام وحل النزاعات الدولية والإقليمية. وفي مؤشر على عمق الصداقة القطرية التركية وخصوصية العلاقة بين البلدين الشقيقين، فقد عقدت منذ عام 2014 وحتى الآن 28 قمة، بين حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وأخيه فخامة الرئيس التركي. وكان أحدث هذه اللقاءات خلال ديسمبر الماضي ، حيث قام فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان بزيارة للدوحة ، وترأس خلالها مع أخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ، اجتماع الدورة السابعة للجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين، وفي ختام الاجتماع وقع الجانبان عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي شملت الأوقاف والشؤون الإسلامية، الإعلام والاتصال والثقافة وإدارة الكوارث والطوارئ لتوحيد المعايير والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاستثمارات.

كما جرى التوقيع على البيان الختامي لاجتماع اللجنة والذي أشار إلى أن الطرفين ناقشا العديد من جوانب علاقتهما القوية والمتميزة بما في ذلك الأمن الإقليمي والتعاون في مجالات الدفاع والصحة والتجارة والاستثمار والطاقة والطيران والسياحة والثقافة والتعليم. وتعهد الجانبان بمواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بقطاع الخدمات المالية ومواصلة العمل بتنسيق مالي وثيق، ورحب الطرفان بتوقيع اتفاقية تمديد وتعديل اتفاقية صرف عملات الليرة التركية – الريال القطري بين البنك المركزي لجمهورية تركيا والبنك المركزي القطري. كما رحبت اللجنة في بيانها الختامي بالتقدم الذي تحقق في الاستثمارات المتبادلة خلال العام الماضي، وبحقيقة أن الاستثمارات القطرية في تركيا قد بلغت ما يعادل 33.2 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2020. وتعهد الجانبان باستكشاف سبل دعم تنويع العلاقات الاقتصادية والتنسيق المالي بينهما.

واتفق الجانبان على زيادة التعاون بينهما في مشاريع البنية التحتية في كلا البلدين. ونوهت قطر بدور الشركات التركية في مشاريع تطوير البنية التحتية في قطر استعدادًا لنهائيات كأس العالم لكرة القدم FIFA قطر 2022 وخطط التنمية في إطار رؤية قطر الوطنية 2030. واقترحت دولة قطر إنشاء “منطقة اقتصادية تركية حرة” في المناطق التي تشرف عليها هيئة المناطق الحرة القطرية، ما يتيح فرصا فريدة لجمع الابتكار الصناعي التركي مع المزايا التنافسية العالمية للاقتصاد القطري لتمكين المستثمرين الأتراك من الوصول إلى أسواق إضافية في الهند وآسيا وإفريقيا.

وجدد البلدان التزامهما المشترك بمواصلة وتعزيز الجهود الإقليمية والعالمية لإحلال السلام والأمن الدوليين ومكافحة الإرهاب وحل النزاعات بالوسائل السلمية. وتعتبر تركيا أحد أهم الشركاء التجاريين لقطر، وقد شهد حجم التبادل التجاري بين الدولتين زيادة ملحوظة وصعد من 340 مليون دولار أمريكي عام 2010 إلى 2.24 مليار دولار أمريكي عام 2019، ويأمل الجانبان برفعه وزيادته إلى خمسة مليارات دولار، وتعتبر تركيا وجهة استثمارية مميزة للمستثمرين القطريين، حيث توجد الكثير من الاستثمارات القطرية الناجحة هناك وتشمل العقارات والسياحة وغيرها. ويرجع التطور الملموس في حجم التجارة بين البلدين بالأساس للعلاقات الوثيقة والزيارات المتبادلة، ووجود العديد من الاتفاقيات التجارية والاستثمارية الموقعة على صعيد القطاعين العام والخاص والتي سهلت إنشاء وإقامة الاستثمارات المتبادلة، وساعدت بزيادة تدفق السلع والبضائع في الاتجاهين، خاصة مع توقيع اتفاقية الشراكة التجارية والاقتصادية بين حكومتي البلدين عام 2018، وتدشين الخطوط الملاحية بينهما. وتعمل في قطر أكثر من 711 شركة تركية ، بينها نحو 664 شركة برأس مال قطري وتركي، و47 شركة برأس مال تركي بنسبة مئة بالمئة، و15 شركة تركية بالمنطقة الحرة، بالإضافة الى أكثر من 183 شركة قطرية عاملة بتركيا. كما تستضيف قطر سنويا معرض “إكسبو تركيا في قطر” بمشاركة مئات الشركات التركية الراغبة في العمل بالسوق القطرية.

ويعد قطاع الإنشاءات أحد أكثر المجالات التي تركز عليها الشركات التركية العاملة في الدوحة ، بالإضافة للقطاعات الاقتصادية، والتجارية والصحية والعقارية والتكنولوجية والصناعية. وتركيا التي تزيد مساحتها قليلا عن سبعمائة وثلاثة وثمانين كيلو مترا مربعا، ويقطنها نحو خمسة وثمانين مليون نسمة، بلد يتمتع بقدرات كبيرة بالعديد من المجالات الإنتاجية خاصة الزراعة والصناعة والخدمات، وهو ما يفتح الباب واسعا لزيادة التبادل التجاري بين الدوحة وأنقرة ، والتوسع في الاستثمارات إلى حد التوجه بالبلدين للاستثمار المشترك في دول ثالثة، وتحقيق قدر كبير من التكامل المفيد للجميع. وقد اختتم الاقتصاد التركي العام الماضي 2021، بنمو بلغت نسبته أحد عشر بالمئة، ليكون بذلك الأعلى بين نظرائه لدى مجموعة العشرين الصناعية والثالث بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى