المملكة العربية السعودية الشقيقة تحتفل غدا بيومها الوطني الثالث والتسعين

تحت شعار “نحلم ونحقق” تحتفل المملكة العربية السعودية الشقيقة غدا السبت بيومها الوطني الثالث والتسعين ، وذلك تخليدا لذكرى توحيد المملكة وتأسيسها على يدي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله.
ففي السابع عشر من جمادى الأولى 1351هـ صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م، يوما لإعلان قيام المملكة العربية السعودية وهو اليوم الوطني للمملكة.
وقد نشأت آنذاك دولة فتية تزهو بتطبيق شرع الإسلام، وتصدح بتعاليمه السمحة وقيمه الإنسانية في كل أصقاع الدنيا ناشرةً السلام والخير والدعوة المباركة باحثةً عن العلم والتطور سائرةً بخطى حثيثة نحو مستقبل أفضل لشعبها وللأمة الإسلامية والعالم أجمع.
ويستذكر أبناء المملكة ومن يقيمون على أرضها المباركة في هذه المناسبة، يوماً مجيداً أضحى فيه الإنسان السعودي شامخاً يعتز بدينه ووطنيته تحت ظل حكومة راشدة ارتأته ووضعته أول أهدافها نحو تطويره وتمكينه ليرتقي بين شعوب العالم بكل فخر وعزة، كما يستحضرون هذه المناسبة وهم يعيشون اليوم واقعًا جديداً حافلاً بالمشروعات التنموية الضخمة ومشاريع الرؤية الحكيمة التي تقف شاهدًا على تقدم ورقي المملكة أسوة بمصاف الدول المتقدمة وشاهدا على كيان عظيم يتصف بالنمو والأمان والطموح والعزيمة والإصرار على تحويل المستحيل إلى واقع ملموس على أرض وطنهم العظيم.
وقد نظم الملك عبدالعزيز دولته الحديثة على أساس من التحديث والتطوير المعاصر، وأنشأ عددا من الوزارات، وأقامت بلاده علاقات دبلوماسية وفق التمثيل السياسي الدولي المتعارف عليه رسميا، وتم تعيين السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية، وعند تأسيس جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1365هـ / 1945م كانت المملكة العربية السعودية من بين الدول المؤسسة.
وعمل على تحسين وضع المملكة الاجتماعي والاقتصادي، فوجه عناية واهتماما للتعليم بفتح المدارس والمعاهد وأرسل البعثات إلى الخارج وشجع طباعة الكتب خاصة الكتب العربية والإسلامية، ووجه بالاهتمام بالحرمين الشريفين وتوسعتهما، وخدمة الحجاج والمعتمرين.
وفي عام 1357هـ/1938م تم استخراج النفط في المنطقة الشرقية، مما ساعد على زيادة الثروة النقدية التي أسهمت في تطوير المملكة وتقدمها وازدهارها، وتم إنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي بعد أن بدأت العملة السعودية تأخذ مكانها الطبيعي بين عملات الدول الأخرى، واشترت المملكة الآلات الزراعية ووزعتها على الفلاحين للنهوض بالزراعة، كما أنشأت الطرق البرية المعبدة، وتم مد خط حديدي ليربط الرياض بالدمام، وربط المملكة بشبكة من المواصلات السلكية واللاسلكية، ووضع نواة الطيران المدني بإنشاء الخطوط الجوية العربية السعودية عام 1945م، ومد خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، وافتتاح الإذاعة السعودية عام 1368هـ/1949م، واهتم مؤسس المملكة رحمه الله بتوفير الخدمات الصحية، فأنشأ المستشفيات والمراكز الصحية بمختلف مدن المملكة، ووضع نظاماً للجوازات السعودية وغيرها من المرافق العامة ذات الصلة بالمجتمع.
لقد وضع الملك المؤسس الأساس المتين الذي قامت عليه المملكة، وركز ملوك المملكة جيلا بعد جيل جهدهم على البناء والعلم والتقدم والازدهار، من أجل أن تصبح المملكة العربية السعودية في مقدمة الأمم وكان لهم ذلك. وامتدت مسيرة العطاء والبناء في المملكة منذ توحيدها واستمر جميع ملوكها على النهج القويم ووضعوا خدمة المملكة وشعبها نصب أعينهم لبناء وطن قوي ومزدهر ومتقدم حتى تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود زمام الحكم ليكمل ما بدأه من سبقوه في صناعة وطن قوي وعصري.
وتعيش المملكة قيادة وشعبا حاليا أجواء الاحتفال باليوم الوطني، بمناسبة مرور ثلاثة وتسعين عاما على التأسيس مرتكزة على نهج قويم ورسالة سامية، مواصلة مسيرة البناء والنماء حتى هذا العهد بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده ، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
وقد حققت المملكة معدلات عالية على صعيد التنمية والإصلاح الاقتصادي والنمو والتوسع في مختلف القطاعات، فأصبحت اليوم من أكبر عشرين اقتصادا في العالم، وأكبر وأقوى اقتصاد بالشرق الأوسط، وأكبر مصدر للنفط بالعالم، ولم تتوقف عجلة التطور عند هذا الحد، بل تم إقرار رؤية المملكة 2030، عنوانها تنويع مصادر الدخل غير النفطية، وخلال الفترة الماضية تم تنفيذ العديد من خطط الرؤية، أثمرت بوادرها بنجاح يفوق المتوقع وتم عمل إصلاحات اقتصادية كانت لها نتائجها الإيجابية الواضحة.
وجاء إطلاق “رؤية المملكة 2030″، لتكون ركيزة أساسية لنهضة عصرية للمملكة، تلبي الطموحات العالية للشعب السعودي الذي ينظر إلى هذه الرؤية بعين التفاؤل ويعمل على تحقيقها بكل شغف لما تحمله من خطط طموحة تلامس جميع شرائح المجتمع وتشكل جميع نواحي حياته.
وأعطت “رؤية المملكة 2030” اهتماما واسعا للسياحة، حيث أقرت عددا من القرارات التي تنمي هذا القطاع ، كما أقامت المملكة عددا من المشاريع الضخمة والطموحة، منها مشروع “نيوم” ومشروع “القدية” ومشروع “البحر الأحمر” ومشروع “أمالا” واستقطبت أكبر المستثمرين في قطاع بناء المجمعات التجارية في المنطقة وأقامت مواسمها السياحية في جميع مناطقها، وأهمها “موسم الرياض”.
ومن الحقائق الثابتة التي تفرض نفسها عند تقييم التجربة السعودية أن الإرادة القوية والعزيمة الصادقة والرغبة الأكيدة في دفع مسيرة البناء والتقدم هي سمة متميزة وبارزة لقادة المملكة العربية السعودية منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز، حيث تمثل مسيرة المملكة مراحل ثرية حافلة بالإنجازات التي تجسدت من ترسيخ أسس التطور في المملكة ، وبناء قاعدة اقتصادية وطنية صلبة وضعتها في مصاف القوى الاقتصادية المنتجة والمصدرة، إضافة إلى تمكين الإنسان السعودي من اللحاق بركب التطور في العالم بفضل ما تحقق في المملكة من نهضة شاملة وبالذات في الجانب العلمي والتعليمي، وقد ساهمت تلك المكانة في تفعيل دور المملكة في المجموعة الدولية سواء من خلال منظمة الأمم المتحدة التي شاركت في تأسيسها أو من خلال المؤسسات الدولية المنبثقة عنها والهيئات والمنظمات الدولية الأخرى.
وشمل التطوير في المملكة جميع القطاعات وفق خطط علمية مدروسة وخطوات عملية ملموسة على أرض الواقع، وأخرى وضعت لها مواعيد محددة لتكون رافدا من روافد النماء والتطور، فمن الناحية السياسية تعتبر السعودية اليوم ركيزة أساسية لإرساء الأمن والسلم في المحيط الإقليمي والعالمي، بما تملكه من مكانة دولية كبيرة بسياستها الحكيمة التي حققت نجاحات كبيرة تحسب للمملكة في توازن القوى والعمل الدبلوماسي الكبير الذي تقوم به.
وتعتبر السعودية مركزا سياسيا إقليميا وعالميا مهما، حيث احتضنت عددا من القمم السياسية المهمة ، كما أن القوة الاقتصادية الكبيرة التي تمتلكها المملكة أعطتها نقاط قوة على مستوى الاقتصاد العالمي، كونها عضوا في مجموعة العشرين وصانعا مهما في أسواق الطاقة عالميا، حيث عملت بكل حكمة على توازن أسواق الطاقة في أصعب الظروف وشهد لها العالم بذلك لا سيما أثناء جائحة فيروس كورونا.
وأولت المملكة قطاع التعليم اهتماما بالغا وقامت بنهضة علمية كبيرة ونوعية، تشمل أكثر من ستة ملايين طالب في جميع المراحل التعليمية، حيث يحصلون على الخدمات التعليمية المجانية التي تقدمها حكومة خادم الحرمين لأبنائها في جميع المراحل من خلال آلاف المدارس وكذلك 28 جامعة وعدد من المعاهد التقنية والإدارية المنتشرة في أنحاء المملكة، بالإضافة إلى خطط نوعية للابتعاث الخارجي.
وأعطت المملكة منذ تأسيسها اهتماما بالصحة العامة، حيث شهدت تطورا كبيرا في الخدمات الصحية والعلاجية، إذ بلغ عدد المستشفيات 274 مستشفى حكوميا في جميع التخصصات بسعة أكثر من 53 ألف سرير.
وتولي المملكة اهتماما كبيرا لقطاع النقل لا سيما مع مساحتها الشاسعة وموقعها الجغرافي المهم، حيث بلغ طول الطرق التي تربط المدن الرئيسية ببعضها 66 ألف كيلومتر، وتمتلك السعودية 29 مطارا، منها خمسة مطارات دولية و13 مطارا إقليميا وعشرة مطارات محلية، بالإضافة إلى تسعة موانئ بحرية، وخطوط سكك حديدية على امتداد ثمانية آلاف كيلو متر.
كما تبذل السعودية جهودا كبيرة للمحافظة على البيئة ومحاربة التغير المناخي من خلال إقامتها لعدد من المحميات الطبيعية البرية والبحرية وتقديمها لمبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”. كما أعلنت المملكة استهدافها الوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات الكربون في عام 2060 من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وكذلك توجهها لاستخدام الطاقة النظيفة والمستدامة.
وإذ يحتفل أبناء المملكة اليوم، بمناسبة الذكرى الثالثة والتسعين لليوم الوطني لبلادهم فإنهم يتطلعون وبكل ثقة إلى مزيد من الإنجاز لتحقيق الخير والازدهار لوطنهم، تجسيدا لما تبديه قيادتهم الحكيمة من إرادة قوية لتحقيق رفاهية مواطنيها وكل من يقيم على تلك الأرض المباركة، والمضي قدما في ملحمة البناء والتطوير، مع ما أتاحته رؤية المملكة الطموحة من فرص واسعة لغد أفضل ومستقبل مشرق.
واستعدت مختلف المحافظات والمدن السعودية للاحتفال باليوم الوطني الثالث والتسعين تحت شعار “نحلم ونحقق” ، الذي استلهم من الأحلام التي أصبحت قريبة وواقعية في كل مناحي حياة سكان المملكة، إذ انعكست بوضوح على مشاريع ضخمة راهنت عليها المملكة في رؤية المملكة 2030، وهو ما جعلها ترسخ من قوتها ومكانتها لمواصلة تقديم دورها المهم والمحوري على جميع الأصعدة.
وتشمل الاحتفالات العديد من العروض، أبرزها عرض “نسابق الأحلام” للطائرات العسكرية والمدنية التي يتقدمها علم المملكة محلقًا في سماء العاصمة الرياض، والطائف، والباحة، وعسير، وتبوك يوم 23 سبتمبر الجاري، ويسبقه عرض مماثل فوق كورنيش جدة الشمالي يوم 20 سبتمبر، ويليه يوم 27 سبتمبر عرض آخر فوق كورنيش الخبر، يضاف إلى ذلك عروض الألعاب النارية التي ستنير سماء المملكة في أكثر من 15 موقعًا مختلفًا، إلى جانب العديد من المعارض الفنية والمهرجانات الشعرية والمسرحيات والأناشيد واللوحات والمنشورات التي تشمل كذلك مدارس البنين والبنات بهدف تعزيز قيم الانتماء للوطن والولاء لقيادته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى