عقد مجلس الشورى، اليوم، جلسته الأسبوعية العادية، في “قاعة تميم بن حمد”، بمقر المجلس، برئاسة سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم رئيس المجلس.
وفي بداية الجلسة، رحب سعادة رئيس مجلس الشورى، باسمه وباسم إخوانه أعضاء المجلس، بنتائج زيارة الدولة التي قام بها صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة إلى البلاد، يوم الثلاثاء الماضي، مؤكدا أن المباحثات التي أجراها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى “حفظه الله”، وأخوه أمير دولة الكويت، ستسهم -بلا شك- في تعميق أواصر الأخوة والتعاون المشترك بين الجانبين.
وثمن المجلس حرص سمو أمير البلاد المفدى، وأخيه سمو أمير دولة الكويت، على دعم العلاقات المتميزة التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين، بما يسهم في دعم وتعزيز العمل الخليجي المشترك، لافتا إلى أن الترحيب الشعبي الكبير والواسع بالزيارة يعكس متانة العلاقة التاريخية المتجذرة بين الجانبين.
من جانب آخر، رحب المجلس باستضافة البلاد لقمة الويب قطر 2024، التي تنطلق فعالياتها اليوم، بحضور الآلاف من رواد الأعمال، والمستثمرين، وقادة وخبراء قطاع التكنولوجيا من جميع أنحاء العالم؛ لمناقشة أحدث المستجدات على صعيد التكنولوجيا والابتكار.
وأشاد المجلس بحرص البلاد على استضافة مثل هذه الفعاليات، التي تسهم في إطلاق العديد من المبادرات الجديدة الرامية إلى تطوير بيئة الأعمال في قطاع التكنولوجيا في البلاد، وتفتح آفاقا جديدة لاستقطاب الشركات الدولية الراغبة بالتوسع في هذا القطاع، منوها في الوقت ذاته بمشاركة 100 شركة محلية ناشئة في القمة.
وفي سياق آخر، عبر المجلس عن خيبة أمله من عدم تمكن مجلس الأمن الدولي من إصدار قرار بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدا أن مصداقية القانون الدولي على المحك وأمام اختبار يتوقف على موقف مجلس الأمن من العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
كما أعرب عن أسفه البالغ لفشل المنظومة الدولية في حماية المدنيين في قطاع غزة، منددا بالتعاطي بمعايير مزدوجة مع الوضع المأساوي في القطاع، وحذر من مغبة استمراره على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وبعد تلاوة أعمال الجلسة والتصديق على محضر الجلسة السابقة، رحب سعادة رئيس مجلس الشورى وأصحاب السعادة الأعضاء، بحضور سعادة السيد إبراهيم بن علي بن عيسى الحسن المهندي وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وسعادة السيد محمد بن عبدالعزيز النعيمي مساعد رئيس جهاز التخطيط والإحصاء، لإطلاع المجلس على أبرز الأولويات الاستراتيجية والنتائج الوطنية لاستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، التي تعد المرحلة الأخيرة على طريق تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
وثمن المجلس الجهود التي تبذلها الحكومة الموقرة ومختلف أجهزة الدولة، في سبيل تنفيذ استراتيجيات التنمية الوطنية، وتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، وفق توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى “حفظه الله”.
وضمن هذا السياق، أشاد سعادة رئيس المجلس بما توليه القيادة الرشيدة من اهتمام بالغ للتخطيط كسبيل لتحقيق الاستقرار والتنمية، ولتنفيذ التزاماتها نحو تحقيق غايات الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، مما يؤكد على المكانة التي تتبوؤها دولة قطر على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
من جانبهما، استعرض سعادة وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وسعادة مساعد رئيس جهاز التخطيط والإحصاء، أبرز أولويات استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة وأهدافها وغاياتها، ومنهجية وآليات تنفيذها وتقييمها المرحلي، والنتائج المتوقعة منها بما يضمن تحقيق غايات رؤية قطر الوطنية 2030.
كما تطرقا إلى طبيعة التحديات التي واجهت تنفيذ استراتيجيتي التنمية الوطنية الأولى والثانية، والجهود التي بذلت للتغلب عليها، والدروس المستفادة.
وفي هذا الإطار، لفت سعادة وزير العدل ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء إلى المنظومة التشريعية التي أعدتها الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بالتنسيق مع مختلف الوزارات، لتنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، موضحا أنها مقسمة على المحاور والنتائج الرئيسية للخطة، وهي محور النمو الاقتصادي، ومحور الاستدامة المالية، ومحور القوى العاملة، ومحور تماسك المجتمع.
وتضمن العرض المقدم أمام المجلس، أبرز المرتكزات التي وضعت على ضوئها رؤية قطر الوطنية 2030، واستراتيجيات التنمية الوطنية الثلاث، وأهم المحطات في تنفيذ استراتيجيتي التنمية الوطنية الأولى والثانية، وأبرز أهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة.
وأوضح العرض أن استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة ترتكز على سبع نتائج استراتيجية، تتمثل في النمو الاقتصادي المستدام، والاستدامة المالية، والقوى العاملة الجاهزة للمستقبل، والمجتمع المتماسك، والحياة عالية الجودة، والاستدامة البيئية، والمؤسسات الحكومية المتميزة.
وأشار إلى أن الاستراتيجية تسعى إلى بناء نموذج اقتصادي مستدام، من خلال التوسع في إنتاج الغاز، وتعزيز نمو القطاعات غير النفطية، وزيادة إنتاجية القوى العاملة بنسبة 2 في المئة سنويا، وإيجاد وتطوير الوظائف ذات المهارات العالية، مع تعزيز التنافسية والابتكار، ودعم التميز المؤسسي، لتسريع التحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة تحقيقا لغايات رؤية قطر الوطنية 2030.
وتحدث العرض عن اهتمام الاستراتيجية بتمكين القطاع الخاص لدفع عجلة النمو الاقتصادي، وتطوير وتنمية بيئة الأعمال، وتشجيع المشاركة الفاعلة للشركات الوطنية في المجالات الحيوية.
ولفت إلى أن الاستدامة المالية التي تهدف إليها استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة تعنى بتعزيز استقرار وسلامة ومرونة الموازنة العامة على المدى البعيد، من خلال إعداد إطار موازنات عامة متوسطة المدى أكثر استدامة وقدرة على مقاومة المتغيرات.
كما أشار العرض إلى أن تمكين المواطنين وتأهيلهم للمنافسة في سوق العمل يعد واحدا من أبرز الأهداف والركائز التي تسعى الاستراتيجية لتحقيقها من خلال دعم قطاع التعليم، ورفع كفاءة البرامج التدريبية، مع استقطاب ذوي المهارات العالية بما يلبي احتياجات سوق العمل.
وأفاد العرض المقدم بأن الاستراتيجية تسعى إلى أن تكون نسبة العاملين من ذوي المهارات العالية 46 في المئة من إجمالي القوى العاملة، مع تحقيق نسبة لا تقل عن 20 في المئة للقطريين في القطاع الخاص والمشترك.
وأكد اهتمام الاستراتيجية بالحفاظ على القيم الأصيلة والروابط الأسرية القوية والتماسك الأسري، وتعزيز الهوية الوطنية والمواطنة المسؤولة والإثراء الثقافي، وبناء مجتمع محلي متناغم ومنسجم قادر على مواجهة التحديات التي تفرضها العوامل والتطورات الخارجية، وأن توجهات الاستراتيجية في هذا الجانب واضحة في دعم ورعاية كافة الفئات المجتمعية.
وأوضح العرض أن خلق “حياة عالية الجودة” يتم عن طريق التميز في الرعاية الصحية والأمن والسلامة العامة وسهولة الحياة، لتصبح قطر من أفضل البلدان للحياة الأسرية.
وأكد أن دولة قطر شهدت قفزات مهمة خلال استراتيجية التنمية الوطنية الأولى والثانية في تحقيق هذا الهدف، وحازت على مؤشرات عالية، وحققت إنجازات رفيعة المستوى ينبغي المحافظة عليها وتطويرها.
كما أشار إلى أن الاستدامة البيئية التي تسعى لها الاستراتيجية تتحقق من خلال أهداف طموحة تتمثل في ترشيد استخدام الموارد الطبيعية، وحماية النظم البيئية، والتحكم في مستوى انبعاثات الغازات الدفيئة، وبناء القدرة والمرونة على مواجهة التهديدات البيئية المستقبلية.
ولدى التطرق إلى الهدف الاستراتيجي “مؤسسات حكومية متميزة”، أوضح العرض أمام المجلس أن الاستراتيجية تهدف إلى أن تصبح دولة قطر مزودا عالمي المستوى للخدمات الحكومية للمواطنين والمقيمين والشركات والمؤسسات، ورائدة في مجال فعالية وكفاءة وشفافية الحوكمة، مشيرا في هذا السياق إلى أنه تمت أتمتة 90 في المئة على الأقل من الخدمات الحكومية بشكل كامل.
وتناول العرض أمام مجلس الشورى، ما حققته دولة قطر من نسبة إنجاز مرتفعة في استراتيجية التنمية الوطنية الثانية 2018 – 2022، مشيرا إلى أن الاستراتيجية حققت أهدافها المرجوة، على الرغم من أنها تعرضت في بداية إطلاقها لظروف غير طبيعية؛ أبرزها تذبذب أسعار النفط والتداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا.
وفي مداخلاتهم، ثمن أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى جهود البلاد بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى “حفظه الله”، لتحقيق أهداف التنمية وفق رؤية قطر 2030، منوهين بالجهود الدؤوبة لجميع أجهزة الدولة الرامية إلى تحقيق ذلك.
وأشاد أعضاء المجلس برؤية القيادة الرشيدة في وضع الاستراتيجيات والخطط المنهجية المحكمة لتحقيق غايات التنمية، وتعزيز رفاهية المواطنين، وفق أفضل الممارسات في هذا الجانب.
كما أشادوا بالأثر الإيجابي للتخطيط والمتابعة، بما يسهم في تحقيق الأهداف والحفاظ على المكتسبات، ويدعم الاستخدام الأمثل للموارد.
وشدد أعضاء المجلس على ضرورة وضع الآليات والأدوات المناسبة لمتابعة تنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية، لتحقق أهدافها المرجوة، كما لفتوا إلى أهمية المرونة في تنفيذها، ووضع التدابير البديلة لتجاوز العقبات والتحديات التي تواجهها.
كما لفت أعضاء المجلس إلى أهمية أن تراعي استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة تحقيق التوازن السكاني ليكون أحد مرتكزات تنفيذها، لافتين في السياق ذاته إلى أهمية التنشئة الاجتماعية كأحد الركائز المحورية في تنفيذ الاستراتيجية.
وأكدوا على ضرورة تطوير وتوسيع دائرة الاستثمار المحلي والأجنبي، ووضع آليات تنفيذية واقعية لتأهل الكوادر الوطنية وإكسابهم المهارات العليا لمواجهة تحديات سوق العمل، وتمكينهم من المساهمة بفعالية وقوة في مسيرة التنمية الوطنية.
وشددوا على أهمية التقييم المرحلي خلال عملية تنفيذ الاستراتيجية، والمراجعة المستمرة لكافة الاستراتيجيات القطاعية وترشيدها، وتوجيهها وفقا للمستجدات والتحديات التي تفرضها الأزمات الإقليمية والدولية والتحولات العالمية.
وأكد أعضاء المجلس حرصهم على دعم جهود البلاد ومختلف أجهزة الدولة لتحقيق أهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة؛ سعيا لتحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.