- لقد بات من المسلّم به أن هذا الكيان الإسرائيلي المزروع في خاصرة الشام يناقض وجودُه قيمَ الحرية والسيادة والاستقلال ومبادئها الأساسيّة التي تتطلع إليها كل أمّة وكل شعب.
- هذا العدوّ في هجماته المتكررة الآن يسعى لتكريس مسارٍ استباقيّ يؤسس فيه لاستراتيجية إعادة الردع وتمكين الذراع الطويلة، وجرّ كل دولة للخضوع لنفوذه، والاعتراف بأولويته في كل اعتبارٍ وجوديٍّ، وتقديم الضمانات المجّانية له مقابل أن يسمح له بالتنفّس المحسوب، ولن يتوقف العدوان على سورية، ولن تتوقف مغامرات انتهاكات السيادة وقضم الأراضي، ولن تتوقف محاولات فرض النفوذ بمختلف وسائل الردع والترهيب وزرع العمالات المستأجَرة ومكاتب التخليص والتسويق.
- معركة الحرية لم تنته في سورية فهي قد فتحت الباب الكبير فقط، وهو الباب الذي لم يكن مفتوحاً في الاتجاه المباشر الصحيح؛ وهذا الذي أفزع هذا الكيان الذي قرأ التحوّلات، وعرَف ما ينتظره إن لم يتدخّل في المشهد الذي يكبر من حوله، فأيّ قوّة تنمو هي بلا شك عدوّ له، ويجب أن تظل عاجزة مشلولة تعارك ذاتها في بيت من المرايا العاكسة.
- إن العدوّ الشامل يظهر الآن بوضوحٍ وانكشافٍ، وستكون معركة السيادة والاستقلال والحرية مرتبطة بمعركة التنمية وبناء الدولة الجديدة واسترداد الأراضي المغتصبة في سوريا والأولويات الوطنية للأمن القوميّ والإقليميّ، وهذا الأمر ليس جديداً على هذه المنطقة التي ابتليت بهذا الكيان المزروع.
- ونعلم أن سوريا الآن تدبّ فيها روح هائلة، وما تزال الثورة وقّادةً فيها، وأنّ شعارات الانفتاح على الجوار ومطابعته لن تنطلي عليهم وهي ترى كيف ينقض العدوّ عهوده ولا يبالي بمصالح جواره وكيف يتمدّد على حساب الجميع الساكت؛ وإنّ هذه الثورة ذكيّة بما يكفي لكسر سلاسل القيود التي يريد العدوّ إعادة ربط سورية بها.
- إن هذه ليست معركة سورية، بل معركة الشام والعراق ومصر والحجاز وحوض البحر الأحمر، وهي معركة حوض البحر المتوسط، ويجب البحث عن خيوط التنسيق وتشبيكها وتعزيزها لأجل المواجهة، والتفكير الجادّ والعاجل في أشكال هذه المواجهة وأدواتها ومستوياتها.
- هذا الكيان لا يفكّر بطريقة القطعة والخطوة خطوة وبالتكتيكات القصيرة، إنه يخطط لحياة طويلة، وهو يعرف أنّه لا يقوَى إلا بضعفكم، ولا يحيا إلا بالأخذ من حياتكم، وقد كشفه الطوفان وجرّده من كل أدوات التخفّي، وأصبح شديد الوقاحة والجرأة أيضاً.
- وتذكّروا: يمكننا أن نلجم هذا العدوّ، بل يمكننا أن نهزمه، فقد هزمناه من قبلُ يومَ السابع الذي قدّم لنا الفاصلة التاريخية الفارقة، ولولا أن الجميع لم يكن مع الطوفان حقَّ الكونِ لكان الطوفان بداية الاستقلال للمنطقة، وليس لحظةً فارقة فحسب.
- والواجبُ الآن أن يفكّر كل ذي رأيٍ خبيرٍ حريصٍ على الشام وأهلها، وكل حرّ مفكر يعرف ما يجري وماذا سيجري أن ينخرط في منظومة التفكير العاجل وقراءة التجارب والتحديات والفرص، لتقديم رؤى ومسارات وسياسات تُوازن التوقّعات وتجهّز للتعامل معها وأن تسرع في ذلك، فلا مجال لتأخير معرفة الجواب، ويسعكم عدم الإذاعة به الآن.