منذ الرابع والعشرين من فبراير الجاري وهو الموعد الذي بدأ فيه الغزو الروسي لأوكرانيا وما سبقها من حملة متزامنة مع حشد عسكري واعتراف روسي بجمهوريتي دونيستك ولوغرنسك المعلنة من جانب واحد، منذ ذلك اليوم والعالم يقف بين مؤيد ومعارض لهذا الحدث وتداعياته ..
ولكن قبل ان ندخل في حيثيات الموضوع اطرح سؤالاً منطقياً هو : هل يمكن لدولة كبرى ان تستخدم اسلوب القوة المفرطة لاحتلال دولة جارة أصغر منها ؟
وقبل ان نجيب على هذا التساؤل دعونا نتفق بصراحة على حقيقة انه لايجب ان تحتل دولة كبرى جارة لها أصغر منها في المساحة والامكانات والعمق الجغرافي والاستراتيجي.. ودعونا ايضاً نضع النقاط على الحروف تاريخياً ونقول بان اوكرانيا كانت التربة الخصبة لاضعاف روسيا واستغلالها من قبل الغرب منذ عهد الامبراطورية الروسية ..وتجسد ذلك أيضاً في حقبة الاتحاد السوفيتي السابق اثناء الحرب الباردة حيث كانت تمثل المدخل الاستخباري للغرب ..
وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانفصالها عنه بقيت تميل وتنحاز الى الغرب ومن خلالها يحاول حلف النيتو مدعوماً من امريكا ان يجعلها مصدراً ورأس حربة لتفتيت الاتحاد الروسي ، والقيادات هي من تقوي دولها وتضعفها وسواء نختلف او نتفق مع فلاديمير بوتين الا انه الرجل القوي في روسيا ويحاول اعادة امجادها كقطب ثانٍ في العالم والمحافظة عليها من التفتيت وتوزيعها الى عدة دويلات ضعيفة يملك بعضها سلاحاً نووياً قد يكون اكبر منها..
وهنا اما ان يتخلص من السلاح النووي ويكون دولة ضعيفة تابعة للغير او يكون دولة قويه لها مكانتها في العالم ، ومن هذه النقطة تبدأ لعبة الشطرنج بين امريكا وروسيا . لقد كانت لبوتين شروط أراها من وجهة نظري مشروعة وهي ان لا تكون اوكرانيا من ضمن حلف النيتو الذي تتمحور عقيدته الاصلية في اظهار العداء لروسيا وان يكون ذلك بوثيقة موقعة ومحفوظة في الامم المتحدة. وبالطبع فان الغرب يقولون ان انضمام اوكرانيا الى حلف النيتو ليس مطروحاً الآن على طاولة البحث، ليأتي سؤال روسيا المشروع : وماهو الضامن ان لايوضع في السنوات القادمة على الطاولة ؟
وهنا يقع الاشكال واسباب الغزو الروسي لاوكرانيا كضمان للامن القومي الروسي من وجهه نظر بوتين لكن ردة الفعل الغربية مجتمعه فيها القانوني وغير القانوني. فلو قلنا انهم حاصروا روسيا وقاطعوها ، فهل يستطيعون الاستغناء عن النفط والغاز الروسي وكم يستطيعون الصمود بدون هذا الشريان الحيوي ؟
واذا تم استثناء قطاع الطاقة مع العقوبات فكيف يتم تحويل الاموال الى روسيا بعد مقاطعة نظام سويفت المالي ، هنا عندي شكوك واذا اعطينهم الحق في ذلك فهل يجوز ان نحشد وندعو للتطوع من أجل القتال ضد روسيا وهم جرّموا هذ الموضوع على العرب واعتبروه ارهاباً وحتى في قطاع الرياضة اليس القانون ابعاد التسييس عن الرياضة؟
وقد اتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم قرار مقاطعة روسيا وهم اوقفوا لاعبي كرة قدم ابدوا احتجاجهم يوما ما على قرارات سياسية بل على اجرام سياسي وعاقبتهم الفيفا بحجة عدم تسييس الرياضة. ان القضية الاوكرانية قد كشفت القناع عن الكثير من الوجوه وخاصة تلك التي ليس لها قراراً مستقلاً وانما تمشي على وفق التبعية المطلقة لهذا الطرف او ذاك ، ناهيكم عن نفاقها المفضوح وجهلها الواضح في حقائق التاريخ وانحيازها للعبة المصالح التي لاتراعي المصالح العليا للعرب والمسلمين.