اللجنة الإستراتيجية القطرية التركية العليا.. سبع دورات من العمل المتكامل

يبدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، اليوم زيارة عمل إلى الجمهورية التركية، يترأس خلالها مع أخيه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، اجتماع الدورة الثامنة للجنة الإستراتيجية القطرية التركية العليا.

ومن المنتظر أن يعقد الجانبان، القطري والتركي، في إطار الدورة الثامنة للجنة الإستراتيجية القطرية التركية العليا، اجتماعات مشتركة، والتوقيع على اتفاقيات في مجالات مختلفة، وسيبحثان توطيد وتطوير علاقات التعاون الإستراتيجية وآفاق الارتقاء بها على مختلف الصعد، خصوصا في مجالات الاقتصاد والاستثمار والصناعة والدفاع والأمن والأوقاف والإعلام والثقافة والرياضة.

وتأتي اجتماعات الدورة الثامنة للجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين الشقيقين في ظل ارتقاء العلاقات الثنائية في المجالات كافة إلى مستويات شراكة تكاملية منشودة بفضل الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى “حفظه الله”، وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا الشقيقة.

ومن المنتظر أن يسهم اجتماع هذه الدورة في تعزيز الروابط الأخوية الوطيدة، والعلاقات الاستراتيجية التي تنامت وتجذرت على مدى عقود طويلة من الزمن بين البلدين والشعبين الشقيقين، لترسيخ شراكة تكاملية في مختلف المجالات الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والاستثمارية والتنموية والثقافية وغيرها لتحقيق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.

ومن المؤكد أن البلدين سيتخذان، خلال الاجتماع، خطوات إضافية لتحقيق المزيد من التقارب والتناغم وتعميق مجالات التعاون بينهما، كما سيتم تبادل وجهات النظر حيال التطورات الإقليمية والدولية، فضلاً عن التوقيع على اتفاقيات جديدة من شأنها تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات المختلفة، في ظل ما تتمتع به من قوة ومتانة آخذة في التطور والتعاون الاستراتيجي في مختلف القطاعات، وما يربط الدوحة وأنقرة من أواصر صداقة وأخوة متينة، وتقارب في وجهات النظر حيال معظم القضايا الإقليمية والدولية.

وبات واضحا حرص دولة قطر على تعزيز وتطوير آليات التعاون المثمر، واستشراف آفاق جديدة وتنمية وتوسيع علاقات تعاونها الاستراتيجي مع تركيا، في ظل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بينهما.

وتأسست اللجنة الإستراتيجية العليا المشتركة بين قطر وتركيا عام 2014، واستضافت الدوحة أولى دوراتها في ديسمبر 2015، وعقدت منذ تأسيسها سبعة اجتماعات، نتج عنها إبرام قرابة 90 اتفاقية في مجالات متنوعة.

وتعد اللجنة الإستراتيجية الأداة القطرية التركية لبحث سبل توطيد وتطوير علاقات التعاون بين البلدين، وآفاق الارتقاء بها على مختلف الصعد خصوصا في مجالات الاقتصاد والاستثمار والصناعة والدفاع والأمن. وقد نما حجم التبادل التجاري بين قطر وتركيا بفضل الاتفاقيات التي أبرمتها اللجنة الإستراتيجية العليا بنسبة أكثر من 100 بالمئة في الفترة من 2016 وحتى 2020.

ووفقا لأحدث البيانات المعلنة عن جهاز التخطيط والإحصاء، بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري 4.25 مليار ريال، حيث بلغ إجمالي الصادرات القطرية إلى تركيا نحو 1.5 مليار ريال، فيما بلغت الواردات القطرية من تركيا خلال نفس الفترة حوالي 2.75 مليار ريال.

وشهد عام 2021 إجمالي تبادلات تجارية بين البلدين بلغ حوالي 6.9 مليار ريال، حيث بلغ إجمالي الصادرات القطرية إلى تركيا حوالي 2.8 مليار ريال، فيما بلغ إجمالي الواردات القطرية من تركيا حوالي 4.1 مليار ريال.

أما حجم الاستثمار بين البلدين فيوضحه العدد الكبير من الشركات العاملة في الدوحة وأنقرة، فيعمل في قطر قرابة 711 شركة تركية، بينها نحو 664 شركة برأس مال قطري وتركي، و47 شركة برأس مال تركي 100 بالمئة، بالإضافة إلى أكثر من 183 شركة قطرية عاملة في تركيا.

وخلال دورتها السابعة السابقة، شهد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التوقيع على 11 اتفاقية في العديد من المجالات، أهمها مذكرة تفاهم بين بنك قطر للتنمية ومنظمة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بتركيا، والبرنامج التنفيذي لمذكرة التفاهم في مجال التقييس بين الهيئة العامة القطرية للمواصفات والتقييس ومعهد المعايير التركية، واتفاقية تفاهم بين رابطة رجال الأعمال القطريين وهيئة الاستثمار التركية.

كما ضمت الاتفاقيات التوقيع على بروتوكول بشأن تنفيذ خطاب النوايا الخاص بالتعاون في مجالات تنفيذ الفعاليات الكبرى بين حكومتي البلدين، وخطاب نوايا بشأن إدارة الطوارئ والكوارث، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال المراسم، وخطاب نوايا حول برنامج الشراكة في المحتوى بين منتدى الدوحة ومنتدى أنطاليا الدبلوماسي.

وتعتبر الرؤى المشتركة والمتطابقة بين البلدين في أحيان كثيرة، محركا رئيسيا لتعزيز العلاقات الثنائية التي وصلت في بعض منها إلى مستوى الشراكة التكاملية، من خلال تعميق التعاون ومواصلة تنفيذ الاتفاقيات والترتيبات المبرمة بينهما سابقًا، كما يوجد لدى البلدين التزام مشترك بمواصلة وتعزيز الجهود الإقليمية والعالمية لإحلال السلام والأمن الدوليين ومكافحة الإرهاب وحل النزاعات بالوسائل السلمية.

إلى ذلك، يواصل البلدان العمل المشترك لتعزيز الجهود الإقليمية والعالمية لإحلال السلام والأمن الدوليين ومكافحة الإرهاب وحل النزاعات بالطرق السلمية، ويعملان سويًا في إطار حوار التعاون الآسيوي، ويدعوان إلى التعاون من خلال استضافة دولة قطر لقمته الثالثة، فضلا عن تعزيز التعاون والتضامن والتنسيق بينهما في المنظمات الدولية والإقليمية بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي.

ولا يغيب ملف مكافحة الإرهاب عن اجتماع الزعيمين، وهناك التزام وتضامن في مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، ومواصلتهما لجهود تعزيز التنسيق والتعاون في مكافحة الإرهاب بما يعكس القيم المشتركة بينهما المستمدة من القانون الدولي، وتتعاون الدولتان للتصدي للتهديدات الناجمة من المنظمات الإرهابية.

وستكون القضية الفلسطينية أيضا حاضرة بصفة مستمرة على طاولة المباحثات، حيث يؤكد الزعيمان دعمهما المطلق للحقوق المشروعة للفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع منح جميع اللاجئين الفلسطينيين الحق في العودة.

وانسجاما مع اعترافهما بقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، ما زال الطرفان يعتبران المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، غير قانونية وتشكل عقبة مستمرة في طريق تحقيق السلام، كما خلصا إلى أن أي دعم لضم الكيان الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي المحتلة يشكل عائقاً حقيقيا أمام الشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه المشروعة.

وشهدت السنوات القليلة الماضية، نموا ملحوظا للعلاقات الثنائية بين البلدين في قطاع الخدمات المالية والعمل على تنسيق مالي وثيق، فقد تم تمديد وتعديل اتفاقية صرف عملات الليرة التركية – الريال القطري بين البنك المركزي لجمهورية تركيا والبنك المركزي القطري، وما زال العمل جاريا على إكمال إجراءات التصديق على اتفاقية الشراكة الاقتصادية والتجارية الموقعة بين الحكومتين عام 2018.

كما يوجد نمو ملحوظ في الاستثمارات المتبادلة في العام الماضي، حيث بلغت الاستثمارات القطرية في تركيا ما يعادل 33.2 مليار دولار في نهاية عام 2020، وشهدت الفترة الماضية زيادة التعاون في مشاريع البنية التحتية في كلا البلدين، وقد نوهت قطر على لسان العديد من المسؤولين المعنيين بدور الشركات التركية في مشاريع تطوير البنية التحتية في قطر استعدادًا لنهائيات كأس العالم لكرة القدم FIFA قطر 2022 وخطط التنمية في إطار رؤية قطر الوطنية 2030.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، عملت الدولتان على تعزيز التعاون في قطاع الطاقة، خاصة في مصادر الطاقة النظيفة مثل الغاز الطبيعي المسال ومن المنتظر مواصلة مناقشة إمكانية تطوير مشاريع محطات لتوليد الكهرباء في الجمهورية التركية باستخدام الغاز الطبيعي أو الطاقة المتجددة على أساس نظام إنتاج الطاقة المستقل، من خلال توقيع اتفاقية طويلة الأمد مع الجهات المعنية من قبل الحكومة التركية لشراء الكهرباء المولدة.

ويتطلع الجانبان لتعزيز التعاون الاستراتيجي في كل من القطاعات الإنسانية والإغاثية والتنموية مع الجهات ذات الصلة في الجمهورية التركية ألا وهي هيئة إدارة الكوارث والطوارئ AFAD وكذلك وكالة التعاون والتنسيق TIKA من أجل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة والعمل في الدول ذات الاهتمام المشترك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى