في زمنٍ طغت فيه المصالح المادية على القيم الإنسانية، وابتعد فيه الكثير من الدول عن تحمل مسؤولياتها تجاه قضايا الأمة الإسلامية، تبرز قطر، قيادةً وشعباً، كنموذج يُحتذى في الدفاع عن الحق ونصرة المظلومين. لقد أثبتت دولة قطر، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبدعم وإرث من سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أنها صوت الحق في عالم يعج بالظلم.
تردد ثم إنصاف
لم يكن هذا المقال وليد اللحظة أو العاطفة، بل سبقته حيرة وتردد كبيران. فكرت كثيراً قبل أن أمضي في كتابته، مدفوعاً بخشية ما قد يقوله البعض: “إنني أكتب لأتقرب إلى قطر.” لكن بعد تأمل طويل، رأيت أن من العيب عليّ، بل من الظلم، أن أُعرض عن ذكر ما قامت به قطر من أعمال عظيمة تخدم الإسلام والمسلمين والإنسانية. إن الإنصاف أمانة، ولا يمكن لأحد أن يتجاهل دور قطر الفاعل في نصرة المستضعفين وقضايا الأمة.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: “لا يشكر الله من لا يشكر الناس”، فإنني اليوم أمتثل لهذا التوجيه العظيم، وأرى أنه واجب عليّ، كما هو واجب على كل منصف، أن يذكر ما قدمته قطر بكل فخر واعتزاز. فما قدمته يستلزم منا جميعاً أن نبادر إلى الشكر، امتثالاً للعدل والإنصاف، وإنصافاً لهذا النموذج الذي يُحتذى به في زمننا.
قطر ونصرة المستضعفين في غزة
لطالما كانت فلسطين، وعلى رأسها غزة، أحد أبرز الأولويات في السياسة القطرية. وفي الوقت الذي تنكفئ فيه كثير من الدول عن تقديم الدعم لأهلنا في غزة، كانت قطر حاضرة، تُسخِّر إمكانياتها ومواردها لمد يد العون إلى أهل غزة الذين يعانون من الحصار والدمار.
لقد تبنت قطر مشاريع تنموية وإغاثية كبرى في القطاع، شملت إعادة إعمار المنازل التي دمرها الاحتلال، وإنشاء المستشفيات والمدارس، وتوفير المساعدات المالية للأسر الفقيرة. كما لعبت دورًا رئيسيًا في توفير الوقود لتشغيل محطات الكهرباء وضمان استمرارية الحياة في ظل ظروف قاسية فرضها الاحتلال الإسرائيلي.
الدور الأخير في وقف إطلاق النار
في الأحداث الأخيرة التي شهدتها غزة، لعبت قطر دوراً دبلوماسياً محورياً في وقف إطلاق النار وحقن الدماء. بفضل جهودها الحثيثة وتواصلها مع الأطراف الدولية، استطاعت قطر أن تدفع نحو تهدئة الأوضاع وتجنيب المدنيين المزيد من المآسي. هذه الجهود لم تكن وليدة اللحظة، بل هي امتداد لدور قطري ثابت في دعم القضية الفلسطينية منذ عقود، مع الحرص على إعلاء كلمة الحق ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.
قطر وخدمة الإسلام والإنسانية
لم تقتصر جهود قطر على غزة فحسب، بل امتدت أياديها البيضاء إلى مختلف بقاع الأرض. من دعمها للمسلمين المستضعفين في ميانمار، إلى الإغاثة العاجلة للمناطق المنكوبة في سوريا، واليمن، والدول الإفريقية، كانت قطر من أوائل الدول التي تستجيب لنداء الاستغاثة.
كما حرصت قطر على نشر قيم الإسلام المعتدل وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، عبر دعم المؤسسات الإسلامية والبرامج التعليمية التي تعزز السلم والتعايش.
الإرث القيادي للأمير الوالد
لا يمكن الحديث عن جهود قطر دون الإشارة إلى الأساس الذي وضعه سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. لقد كان للأمير الوالد دورٌ بارزٌ في ترسيخ سياسات قطر الإنسانية والدبلوماسية. وعلى نفس النهج، واصل سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني المسيرة بحكمة وثبات، ليؤكد أن قطر ليست مجرد دولة صغيرة في الجغرافيا، بل هي دولة كبيرة بمواقفها وأفعالها.
شكراً قطر
إن ما تقوم به قطر هو رسالة للعالم بأن العدل والإنسانية لا يحتاجان إلى عذر أو تبرير. فباسم كل من استفاد من عطاءاتها، وباسم كل مسلم ومسلمة، نقول: شكراً قطر. شكراً لقيادتها الرشيدة التي جعلت نصرة الإسلام والإنسانية أولويتها، وشكراً لشعبها الذي شارك في هذه المسيرة المباركة.
نسأل الله أن يبارك في قطر قيادةً وشعباً، وأن يجعلها ذخراً للأمة الإسلامية، وأن يحفظها من كل سوء.