نيكست… من بعد الدوحة: من التالي؟ – أ.د قيس عبد العزيز الدوري

لم تكن الدوحة يومًا ساحة حرب، بل ساحة أمل. قطر التي فتحت أبوابها للعرب، وجعلت من الوساطة هويةً ورسالة، فوجئت بالصواريخ الإسرائيلية تمزق سماءها في سابقة خطيرة. لم يكن الاستهداف مجرّد ضربة عسكرية، بل رسالة تقول إن الخطوط الحمراء لم تعد موجودة.
إسرائيل أعلنتها صراحة: سنضرب أعداءنا في كل مكان. هذا الإعلان وحده يكفي ليضع العواصم العربية أمام مرآة القلق. فالدوحة لم تكن النهاية، بل قد تكون البداية. وبغداد الممزقة وصنعاء الموجوعة قد تكونان في دائرة “نيكست… من التالي؟”.
المجتمع الدولي أدان الهجوم واعتبره انتهاكًا للسيادة، لكننا نعلم أن النصوص لا توقف الطائرات. الردع الحقيقي هو في وحدة الموقف العربي، وفي إرادة جماعية تصون السيادة ككرامة لا كوثيقة تفاوض.
وسط هذا السواد، تظل قطر مشرقة. نعم، قصفت الدوحة، لكن قطر لم تنكسر. لم تغلق بابها ولم تنسحب من دورها، بل أعلنت أن الوساطة جزء من كيانها. هنا يكمن الفارق: دولة صغيرة بحجمها، كبيرة برسالتها، تقول للعالم إن صوت العقل يمكن أن يعلو فوق جنون المدافع.
وأنا أعرف قطر لا كخبرٍ في الصحف، بل كواقع عشته. لقد استضافتني أنا وعائلتي يومًا، وكانت ضيافتها كرامة قبل أن تكون إقامة. وإن كان الغياب قد مرّ، فأنا على يقين أن الكرام لا يقطعون الحبل، بل يعيدونه موصولًا أقوى مما كان. فالعطاء في قطر ليس طارئًا، بل هوية متجذّرة.
إن كان السؤال اليوم “من التالي بعد الدوحة؟”، فإن الجواب يجب أن يكون: لن نسمح أن تكون أي عاصمة عربية التالية. لكن حتى ذلك الحين، يحق لنا أن نقول: الدوحة قصفت، نعم… لكنها أضاءت. والنور حين يشتعل في قطر، يظل قادرًا على أن يبدّد العتمة مهما اشتدّت .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى