- ليست الاردن دولة عادية في هذا الصراع، بل هي دولة محورية، ولا يمكن أن نقبل وصفها بالدولة الوظيفية كما يحاول بعضهم أن يصفوها.
- إنها جارة فلسطين الكبرى، وهي عمقها وامتدادها، ومنها انطلقت فتوح فلسطين الأولى، وعبرها انفتحت مشاريع تحريرها، وهي أرض واحدة لطالما تقارضت جغرافيات بعضها عبر العصور.
- وهي فوق ذلك وصيّة القدس وحاميتها وراعيتها، وقد منّ الله على الأردن أن جعلها الهاشميون مصدر شرفهم، وروح ملكهم، وأيقونة ثقافتهم، وأنهم خط الدفاع الأول عنها.
- والهاشميون هم على هدى جدّهم سيدي رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه، ولا يخالفونه في أمر، ولا ينحرفون عن طريقته، ولا سنّة ذريته الحاملين لدعوته، القائمين بأمره، وهذا هو جوهر الشرف الهاشميّ.
- وإذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أن الأردن لا تقبل الضيم الواقع على جيرانها، ولا تتفهم الضغط المسلّط عليهم، ولا تتعاطف مع عدوهم، ولا تسالم المعتدي عليهم، ولا تخذلهم ولا تدابرهم.
- وهذا يعني أن عقيدة الأردن لا تنحاز إلا إلى نصرة فلسطين وإسنادها ولا تتأخر عن ذلك أحياناً إلا لتعود إليه.
- وهذا يعني أن الحدود الطويلة بين الأردن وفلسطين لا يمكن أن تظل مرهونةً لنمط الأمان الذي لا يتمتع به إلا المعتدون، وأنها يجب أن تكون أيضاً أمناً وسلاماً وإسناداً ودعماً للفلسطينيين.
- ولو كانت الحسابات تقول إن فتح الحدود قد يعقد الأمور ولا يحلّها، وقد يصعّبها ولا يسهّلها، فيمكن لهذه الحدود ألا تفتَح إذا كانت لا تُغلَقُ تماماً أيضاً، فإنّ ثمّة من يختار أن يعبر بنفسه إلى غربيّ النهر فلا تمنعوه ما اختار ما دام قد احتال للوصول إلى مراده، واجتهد بالغ الاجتهاد ألّا تروه؛ ولا داعي لأنْ تبالِغوا في مطاردته أو تتشددوا في معاقبته، وإن استحق عقوبةً فاقرصوا أذنيه كما يفعل الأب مع ابنه المخالِف، ولابد من امتداحه لشجاعته مع تلك القرصة أيضاً.
- وإذا أبيتم ذلك فحوّلوا الأردنّ إلى ميدان إسناد لفلسطين، وقِبلةً لكل عاملٍ مدنيٍّ من أيّ مكان، ورحّبوا بهم، وافتحوا لهم الإمكانات الإنسانيّة والخيرية والمدنيّة، وافتحوا موارد السوق لهم.
- إنّ بإمكان الأردنّ أن تكون رائدة العمل الإنسانيّ في فلسطين ومحطة العبور الأكبر، وأن يكون لها وزنها الإقليميّ المؤثر في هذا القطاع الذي تأخرت الأردنّ كثيراً في استثماره رغم كل ما تحظى به من فرص نجاح موضوعية.
- ولا تحتاج الأردنّ ذات السيادة إلى إذنٍ من العدو لتتخذ قرارها وتمارس أعمالها المشروعة بالقانون الدوليّ ونظام الحقوق الإنسانيّ، ولا ينبغي أن يكون الأمان على طول الحدود بلا ثمن كبير ينتزعونه من هؤلاء الأعداء، ويعود على أهل فلسطين كلّهم.
- وأحزاب الأردنّ أحزاب وطنيّة شديدة الغيرة والوطنيّة، وتستطيع الدولة أن ترفع لها سقفها في إسناد فلسطين ودعمها، وأن تساعدها في ذلك، ويمكن أن تترك لها الإسناد الشعبيّ بكل تفاصيله التي ترهق كاهل الحكومة.
- وهي فرصة لتمتين العلاقة مع الحركات المناضلة وفتح صفحة جديدة معها، ومنحها فرصة التعامل المباشر مع امتدادهم الروحيّ والقبليّ والعروبيّ والدينيّ من الشعب الأردني وفق قواعد مرنة متفاهَم عليها وتسامُحٍ لا يتغيّر بردّ فعلٍ أو استجابةٍ سريعةٍ لضغط.
- وما دام الأوغاد المعتدون قد خرجوا من السفارة فلا تعيدوهم إليها، وأبلغوهم أن يظلوا حيث هربوا، أو مكّنوا الشباب الأردنيّ الثائر من شرب القهوة المرّة فيها، وبيع الذرة ولفّ الفلافل.
- إن في الأردنّ شعباً شامخاً حرّاً علّمته الشدائد، وثقّفته التجارب، ولن تجد أردنياً حرّاً يقبل أن تكون بلاده في الذيل في نصرة جيرانهم ودينهم وتراث أجدادهم.