- يعمد بعضهم إلى تصوير عجزه واستسلامه لواقعه بالقول إنه لا يملك إلا الدعاء، وما يدري أن الدعاء ليس من أدوات العاجزين، ولا أسباب الخاضعين.
- فالدعاء ليس أذكاراً محفوظة يكررها الداعي رافعاً يديه، وليس أوراداً مدبّجة يصوغها بعضهم بحرفة ودقة، وإلا فإن عدوّنا الذي ندعو عليه صباح مساء على امتداد الأرض لن تجد لهم ذكراً ولا أثراً.
- وهو ليس كلمات ملفوظة ولا جمل محفوظة، إنه تعبير قولي وفعليّ وحاليّ، واحتياج عارم يجول في النفس ويلحّ في البروز، يطلبه المؤمن من ربه، وهو منغمس في تحصيله واستدعائه، كما أن يطلب النصر من ربه وهو في قيد المعركة ( ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين).
- والدعاء هو الحلقة التي تصل الأسباب بالغايات، وتشحنه بالرشاد والتوفيق، وهو سبب من أقوى الأسباب الموصلة إلى الغايات إذا تعلق بصحة الإيمان وقوة العمل.
- والاكتفاء بالدعاء دون عمل وسعي ومتابعة هو اكتفاء بالسبب، وهذا يقدح في إيمان المرء وادّعائه؛ والدعاء لا يعني أن نستغني عن العمل والإنتاج ولا يعني أن نتوقف عن البحث في البدائل والخيارات ونفتش في المنافذ والمداخل والاحتياطات، لأن الدعاء هو في سياق العمل والسلوك.
- الدعاء هو عبادة العاملين يربطون به أعمالهم بمقاصدها، ويصِلونه بالداعي إليها، ويطلبون القرب إليه أكثر بترديدها وتكرارها، وكأنهم يسترشدون بها ليصلوا إلى أقرب الطرق وأخصرها “لعلهم يرشدون”.
- والدعاء ليس علاجات نفسية ولا مهدئات روحيّة، بل هو دفعة تعزيزات، وجرعة مقويات، ودليل إرشاد، ومركز إمداد، لذلك نقول دائماً إن الدعاء يتفاعل مع العمل والعاملين، ولا يكاد ينتج مع الخاملين والساكنين.
- الدعاء ليس دواءً للمريض لكنه دواء لمن وجد العلاج ويرجو البرء، أو لمن اجتهد في تحصيل الدواء فلم يجده.
- الدعاء هو فرصتك الحقيقية للوصول إلى مرادك بأسرع مما يتهيّأ لك، لأنّ الله مجيب الدعاء قريب منك فيفتح لك باب القوانين ويسخّر لك مداخل السنن ويفهّمك التعامل مع النظام الذي لم ينفتح لك من قبلُ، فبادر إلى تسجيل حضورك وتتميم مشاركتك على باب القُرب.
- فادعُ الله أن يلطف بعباده ويَجبرهم وينصرهم ويثبتهم، وأنت على ثغرك العامل!