مدخل منهجيّ لفهم الهجوم الإيراني – د. أسامة الأشقر

  1. لا يدور التحليل الواقعي على حسن الظنّ أو سوئه، كما لا يدور على تعصّبك لأحد أو عليه، بل مدارُه على رؤية العاملين عليه والمنفذين له.
  2. هناك نمط تكتيكيّ أصبح جزءاً من التخطيط الاستراتيجي لدى الجمهورية الإيرانية أن تكون ردودها على المستوى الإقليمي من خلال تقاطعات مصالحها مع القوى التي تتلاقى في مصالحها معها، وهم ليسوا بالضرورة وكلاءها ولا أدواتها، فالأدوات تصلح للمهمات الخاصة الصغيرة وليس للمصالح الاستراتيجية.
  3. منذ بداية الأحداث ظهر بوضوح أن إيران وحلفاءها لم يكونوا في صورة القرار الاستراتيجي رغم انسجامه مع رؤيتهم العامّة، وكان قرارهم واضحاً ألا يكونوا في وسط الميدان بل على أطرافه، وحافظوا على ذلك سبعة أشهر.
  4. التطور الأخير بالمواجهة لم يكن متعلقاً في أهدافه العليا بالمعركة الدائرة وإن كان يخدم مسارها العام، فسياق هذا التطور يتعلّق بالسيادة الوطنيّة لإيران التي تعرّضت لكسر متكرر لهيبتها، وألغت الاعتبار العمليّ بقدرتها على الردع مضموناً مع بقاء الاعتبار الموضوعيّ شكلاً.
  5. وكان واضحاً من البداية أن العدوّ الإسرائيلي تجاوز المعادلات الإقليمية المتعارف عليها بلا حسابات، وكان لابد من ردم فجوة التجاوُز وترميم هذه المعادلات وإعادة رسم خطوطها الممْحُوّة، فكان هذا التطوّر الاستعراضيّ الكبير الذي وقف له العالم لعدة أيام، وهو استعراضٌ مقصودٌ لذاته بغرض كيّ الوعي بقوة لضمان عدم تكرار التجاوز.
  6. أطراف هذا الصراع يتحفّزون بعدة اتجاهات فبعضهم يسعى لاحتواء الحدث والقبول بإعادة ترسيم المعادلات وضرورة التكيّف مع الواقع والاعتراف بموضوعيّته والتخطيط على أساسه والاكتفاء به؛ وبعضهم يسعى لتصعيد هذا الحدث واستثمار الردود فيه والتداعيات فيه، واتّخاذه مدخلاً لفتح البيئة الاستراتيجية المغلقة وإدخال تغييرات عليها والنفاد بين فراغاتها التي غفلت عنها خطوط الصراع العريضة.
  7. ختاماً: كلّ تقنيات الأرض الهجومية العابرة للحدود ستجد لها ما يقابلها من تقنيات دفاعية، وقيمتها في توازن الردع وتركيب سياق التعامل لأطول مدة ممكنة، ويبقى الفيصل في أولئك المقاتلين الأشداء على الأرض الذين يناورون بين العيون، ويقتنصون لحظة الصيد، ويصنعون الفرصة بالنار، وقديماً قالوا إن السلاح بِضاربه، فالسيف البتار لا يكون حاسماً إلا بذراع قوية تضرب به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى