في لحظة مفصلية من تاريخ الشرق الأوسط، تطفو على السطح تساؤلات مصيرية حول شكل المنطقة في حال انتصار أحد الطرفين في الحرب المفتوحة أو غير المعلنة بين إيران وإسرائيل. وهي تساؤلات لا تنبع من رغبة في الانحياز بقدر ما تنطلق من حرص استراتيجي على أمن المنطقة واستقرارها.
أولًا: في حال انتصار إسرائيل وسقوط النظام الإيراني
إذا استطاعت إسرائيل، بدعم غربي مباشر أو غير مباشر، أن تُسقط نظام “الملالي” في طهران، فإن إيران كما نعرفها اليوم ستنتهي. المشهد الأقرب حينها:
• انهيار الحرس الثوري وتفكك بنيته العقائدية والعسكرية.
• احتمالية صعود حكومة ليبرالية أو حتى إعادة طرح فكرة الشاهنشاهية – رغم صعوبتها واقعيًا.
• تفكك جغرافي محتمل لإيران إلى كيانات قومية: كردية، أذرية، فارسية، وبلوشية.
النتيجة المباشرة:
تطبيع شامل مع أغلب دول العالم، وتراجع حاد في تأثير التوترات الإقليمية التي كانت تُدار من طهران لعقود، خصوصًا في العراق، اليمن، وسوريا.
لكن، لا ينبغي أن يُفهم من هذا أن انتصار إسرائيل سيكون نصرًا مطلقًا للعرب، فتعاظم قوتها الاستراتيجية سيكون مقلقًا على المدى الطويل، لذلك فإن تحجيم المشروع الصهيوني يبقى ضرورة، بقدر تحجيم النفوذ الإيراني.
ثانيًا: إذا انتصرت إيران على إسرائيل
هذا السيناريو لا يعني انتصارًا للإسلام أو نصرة لقضية، كما يروج البعض. بل هو انتصار لمشروع طائفي قومي مغلف بالشعارات الدينية، أثبت عبر العقود أنه لا يحرر أرضًا بل يُخضعها.
ما الذي سيحدث؟
• العراق سيتحول إلى عمق إيراني بالكامل.
• الخليج العربي سيكون مهددًا اقتصاديًا وسياسيًا.
• اليمن وسوريا ستتحولان إلى قواعد إيرانية رسمية لا مجرد أذرع.
• والنتيجة: تمدد فارسي واضح بجيش تقليدي وليس فقط بميليشيات، بدعم من وكلاء إيران في المنطقة.
حينها سيدرك كل من هلّل لانتصار طهران على تل أبيب أن الخطر الطائفي لا يقل فتكًا عن الخطر الصهيوني، إن لم يكن أشد.
واخيراً
نحن لا ننتظر انتصار طرف على حساب طرف، بل نتطلع إلى توازن يحفظ للمنطقة أمنها وسيادتها، ويعيد القرار العربي إلى أصحابه.
لسنا مع طهران ولا مع تل أبيب، بل مع الأمن العربي والمشروع الوطني المستقل.
وليس لدينا ما نقوله في هذا المنزلق التاريخي إلا بالدعاء:
اللهم سدد رمي الطرفين فيما بينهما، بعيدًا عن العرب، وعن أرضنا وأمن شعوبنا .