كلنا تشبّع من التحليلات العسكرية والسياسية في حرب روسيا على اوكرانيا وهي في الحقيقة فرض نفوذ امريكي على اوروبا وردع روسي له حتى لاتكون امريكا هي القطب الاوحد .. وقد اندلعت الحرب وتقسم العالم الى قسمين ، دول مع الغرب وأخرى مع الشرق فيما انحاز البعض بطريقة عاطفية والبعض الآخر انحاز بطريقة صبيانية.
ولكن دعونا نحسب مواقفنا كدول خليجية كيف صارت بين القطبين وكيف يجب ان تكون من وجهة نظري ؟ بداية أقول اعتقد اننا يجب ان لاننحاز لاي من القطبين لان المنتصر منهم سوف ينتقم ممن وقف ضده وهذه ليست حربنا بل يجب ان نكون محايدين واذا اجبرنا على الانحياز ننظر اي مصالح دولنا.. لنأخذ مثلاً ان بعض دولنا انحاز الى المعسكر الروسي نكاية في سياسة الادارة الامريكيه الحالية ( بايدن ) وتناسى ان امريكا دولة مؤسسات يحكمها شخص وتدار من قبل مؤسسات .
وهناك من انحاز للمعسكر الروسي وهو سلاحه امريكي ومعاهدات الحماية له امريكية وعملته مرتبطة بالدولار الامريكي وصناديقه السيادية في امريكا والغرب واموال بلاده كلها في الغرب وراح ينحاز للشرق !! لو افترضنا ان الغرب انتصر في الحرب ، ما مصير حكمه وأمن بلاده وثراوت شعبه واجياله القادمة ؟! اعتقد انها مقامرة ومراهقة سياسية صبيانيه عاطفية فاشلة. وهنا لابد من ان أشيد بسياسة بلادي قطر وبحكمتها وبعد نظرتها السياسية وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع.
لقد تزايدت ثقة الغرب والشرق بقطر وثقلها السياسي والدبلوماسي وهذا يثبت ان الحجم الجغرافي والتعداد السياسي ليس بمقياس بحجم الدول ، وهذا جعل بلادي الوسيط النزيه بالاتصالات المستمرة بين سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية ، وبين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ووزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا ، وقبولهم له كوسيط نزيه بين اوكرانيا وروسيا وبدعم من امريكا و بريطانيا وفرنسا والمانيا.
لقد تجسد الموقف القطري المحايد والنزيه من الحرب الروسية الاوكرانية في الزيارة التي يقوم بها وزير خارجيتنا الى موسكو حالياً بما تمثله من أهمية كبيرة تترجم باختصار موقف بلادي الداعية في هذه المرحلة الحرجة الى ضرورة انتهاج الحوار البناء والطرق الدبلوماسية لحل هذه الأزمة، والتأكيد على احترام سيادة واستقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها في حدودها المعترف بها دوليا.
كما يجسد موقف الدبلوماسية القطرية في التشديد على ضرورة الالتزام بميثاق الأمم المتحدة والمبادئ الراسخة للقانون الدولي، وتسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، والامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها، والالتزام بسيادة واستقلال الدول وسلامتها الإقليمية. هذا هو موقف قطر وهذا ثقلها وتحركاتها عندما تتصدى بجدارة لتكون الدوحة عاصمة الحلول الاستراتيجية لمشاكل العالم وأزماته.