ماذا يحدث في السودان الشقيق الآن ؟
هل نحن أمام حرب فعلية بالنيابة عن دول معينة ؟
دعونا نعود بالذاكرة الى أربع سنوات مضت ، عندما أُزيح الرئيس عمر البشير الذي ظل قابضاً على السلطة في السودان لنحو ثلاث عقود ورحل بانقلاب نفذه الجيش السوداني، إثر تظاهرات عارمة بدأها الشعب عام 2018.
وبعد أسابيع من الاطاحة بالبشير حاول العسكر القفز الى سدة الحكم والاستيلاء على مقاليد الحكم والتحكم في مصير البلاد الا ان الأحزاب المحلية والقيادات السياسية المدنية لم تسمح لهم حتى استقروا على حمدوك ليكون رئيساً للوزراء.
ووسط هذه التحولات السريعة برز اسم قائد ميليشيا الجنجويد وهو محمد حمدان دقلو أو ” حميدتي ” ليتولى فيما بعد منصب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان. وبات حميدتي الذي اكتسب هذا اللقب من البشير نفسه، واحداً من أغنى رجال السودان خلال فترة قصيرة بسبب تهريب الذهب إلى احدى الدول العربية وكذلك تصدير الأطفال السودانيين إلى مجهول الحرب في اليمن آنذاك لمواجهة الحوثيين.
وعندما كانت مقاليد الأمور تمضي بهدوء حذر ، كان حميدتي ” يسرح ويمرح ” في التدخل السافر في شؤون
الدولة متحدياً ثوابت وسياقات العمل السياسي من أجل الغاء الحكومة المدنية واعادة العسكر الى الواجهة.
لقد ظل الوضع يتأرجح بعد تنامي قدرات حميدتي وأحلامه وطموحاته من خلال الدعم الذي كان يناله من بعض دول المنطقة لأجندات وغايات معروفة .
وسعى الفريق عبدالفتاح البرهان لوضع الأمور في نصابها الصحيح من خلال التمهيد لتسلم الحكم من قبل المدنيين واعادة العسكر الى ثكناتهم ..
وهنا تفجر الخلاف بين البرهان وحميدتي حيث ان تسلم السلطة الى المدنيين ينهي فصلا سياسياً من حياة العسكر وقيادتهم للسودان الشقيق واغلاق الباب بوجه العسكر للعودة الى مسرح الحياة السياسية من خلال احالة الرئيس البرهان ونائبه حميدتي الى التقاعد.
ومع تسارع الأحداث كان حميدتي يزداد اصراراً على عدم مغادرة الحياة السياسية والغاء فكرة التقاعد التي تعني تخليه عن قيادة قوات الدعم السريع التي يطالبها الكثيرون بالاندماج في القوات المسلحة ، حيث ان حميدتي يعدها ” ميليشيات ” خاصه به ويستغل ماكانت تتمتع به قواته من مميزات كثيرة ومساعدات كان يتلقاها من دول اخرى ليبدأ فصلاً دموياً من تمرده ومحاولة السيطرة على البلاد بالقوة او التلويح بالعودة بمليشياته كقوات مسلحة معارضة في دارفور.
وهكذا يقف السودان الشقيق على مفترق طريق بسبب مطامع وأحلام حميدتي الذي حولته سبائك الذهب من مهرب الى رجل سلطة يحاول ان يحقق طموحه متحدياً الشرعية والقانون وارادة الشعب الذي سيكون التفافه حول قيادته كفيلاً بانهاء هذا التمرد وافشاله.. وعلى الباغي تدور الدوائر .