إنّك إذا عزمتَ والتحمتَ مع عدوّك فلا تقف في منتصف الطريق، فإن كل دابة عابرة من الاتجاهين ستدهسك، وكلَّ صائحة ستعيقك، فامضِ قاصداً حتى تبلغ مقصدك!
وإنكم ستجدون من يحبطكم، ويخوّفكم من الدم والدمار والأفعال المرتدّة، وسيأتيكم تارة بصوت الحكمة، وتارة بصوت الدعاية، وتارة بصوت مؤسسات دينية ملتوية، فلا تسلّموهم عقولكم، ولا ترخوا لهم آذانكم، وقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل!
وإن الله إذا دبّر أقداره فإنه يدبّرها على ما كسبته أيديكم ودبرتموه لأنفسكم، ويُجري الله أقدارَه بما تستحقّونه، وإذا رأى فيكم جدارةً فإنه قريبٌ منكم، يمدّكم بعون منه، يُغيّر به حالكم، ويدفع به عنكم.
وإنّ من عادة الأحوال أن تبدأ صغيرةً على تدبير بشريّ محسوب، ثم تدخلها أحوال غير محسوبة، فيكون معك مَن حاد عنك سابقاً أو خَذلك، ويأتيك مَدَدٌ لم تحتسبه أو تظنّه، وسترى كلّ يوم ما يثبّتك، ويعينك، ويفرح به فؤادك.
وإنّ مدخل التوكّل هنا أن تفوّض أمرك كله لله، وأن تضع بين يديه كل ما تملك، وأغلاهم نفسك، ومَن أحببتَ من أهلك، واسأله أن يحفظهم بما وهبتَهم من نفسك له، واستلِف من روحك لأرواحهم، واصبر حتى يأذن الله.
وإنك إذا راكمتَ القوة فاستخدِمها بحقّها وفي محلها.
وإن الطريق الأقصر لوصول إلى أهدافك العليا أن تظل متمسكاً بها مدافعاً عنها بلا هوادة، ولا تجرّب التنازل عنها أو المناورة بها.
وإنك إذا كنتَ في طور التحرر الوطنيّ فإن السلطة عبء عليك فارمِ بها وقاتِل.
ولا مكان للسياسة إلا في سياق القتال، ومَن شغلته السياسة وخوّفته كثرة الحسابات فحقّه أن يؤخّر.
ولا يمكنك أن تشعر بالعجز أو تتوقف عن حلمك فإن أكبر إنجاز يأتي في أسوأ الظروف المحبطة إذا بادرتَ وتوكّلتَ.
ولن يتحرك معك الشعب القويّ إلا إذا رأوا فيك الجدارة والقوة فاطمئنّ فلن تلبث الصقور أن تنقضّ.
وإن التوفيق قد يتأخر لكنه سيأتي حتماً عندما تكون مستعدّاً مستحِقّاً.



