في الصميم – مبارك بن محمد الخيارين
ليس مفاجأة لنا كقطريين ان يؤكد مجلس التعاون الخليجي وأمينه العام عن عجزه وغيابه تماما عن المشهد وكأن الذي حصل في محاصرة قطر وتهديدها بالعمل العسكري أمر لا يعنيه، رغم أن هذا الحصار المفروض على بلادنا ضرب وحدة المجلس بالصميم وهدد أمن الدول الخليجية والمنطقة.
وعندما نقول ذلك ، وننتقد هذا الكيان المحتضر فليس في كلامنا أي تجنٍ على الحقيقة ، ولدينا المزيد من الوقائع والأدلة التي تثبت هذا العجز وتفضحه . فقد شهد العالم بأسره ” مسرحية ” اعلان الجناة المتورطين بقتل المرحوم خاشقجي بالمهزلة التي أعلنتها النيابة العامة في السعودية وهي تضحك على عقول البعض باعلان أحكام القتل قصاصاً على 5 متهمين في هذه الجريمة وتبرئ الجناة الكبار ..
ولم يكن مفاجأة لنا ان يأتي موقف المجلس وأمينه العام عبداللطيف الزياني على نفس منوال معازيبه فيدعي أن الأحكام في جريمة مقتل جمال خاشقجي خطوة مهمة في تطبيق العدالة. فعن أي عدالة يتحدث الزياني ، عدالة المنشار والتقطيع أم عدالة الكذب وتضليل الرأي العام ؟ وعن أي استقلالية يتحدث عندما يزعم إن «الأحكام في جريمة مقتل جمال خاشقجي برهنت على استقلالية القضاء السعودي»، ثم يحاول ان يصنع لنفسه دور البطولة فيقول: «نستنكر المحاولات المغرضة لتسييس جريمة مقتل خاشقجي والتدخل في شؤون السعودية».
نعم ان كلام الزياني هذا متوقع ومعروف وهو لايختلف حتى عن اسطوانة الخارجية الإماراتية، التي ادعت هي الأخرى أن الأحكام التي أصدرها القضاء السعودي بشأن جريمة مقتل جمال خاشقجي تؤكد التزام السعودية وحرصها على تنفيذ القانون بكل شفافية ونزاهة، ومحاسبة كل المتورطين في هذه القضية ضمن إجراءات اتسمت بالوضوح والمصداقية وبشكل كفل لكافة الأطراف حقوقها القانونية.
وادعاء الاستقلالية والشفافية والعدالة أمر أثار سخرية العالم ومنظماته الدولية المنصفة التي ترفض التدليس والكذب الذي مارسته السلطات السعودية لاخفاء الحقائق وتضليل الرأي العام باتهام ” جناة صغار ” وتبرئة الكبار وفي مقدمتهم ” دليم ” الذي يعرف الجميع دوره في هذه الجريمة . ويذكرنا هذا الكذب بما اعتاد ان يردده قرقاش في أكثر من مناسبة وآخرها مسرحية النيابة العامة السعودية عندما زعم كالعادة بأن ” تعامل المملكة مع محاكمة المتورطين بجريمة مقتل جمال خاشقجي يؤكد استقلالية القضاء السعودي، ونزاهته وكفاءته، حيث تميزت إجراءات سير القضية بسرعة التقاضي وتحقيق العدالة من خلال عملية قضائية عادلة وشفافة ” ..
لقد قال المنصفون في العالم كلمتهم حول هذه المهزلة ومنهم الأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش الذي أكد ضرورة إجراء تحقيق مستقل وغير متحيز في جريمة القتل لضمان التدقيق الكامل في الانتهاكات المرتكبة ضد حقوق الإنسان والمحاسبة عليها، مشددًا على التزام الأمم المتحدة بضمان حرية التعبير وحماية الصحفيين ” ، والأمر نفسه ينسحب على تركيا ومقررة لدى الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وفي مقدمتها هيومن رايتس ووتش وكلها نددت بالأحكام التي أصدرتها النيابة العامة السعودية بعد طول انتظار..
اننا لا ننتظر خيراً من مجلس ضعيف ومتهالك عجز تماما عن القيام بأداء دوره لحل الأزمة الخليجية وانهاء الحصار المفروض على قطر، فالذي عجز عن تحريك ساكن في ظرف دقيق وأزمة هددت مستقبل هذا المجلس يبقى عاجزاً عن قول الحقيقة التي أثبت بانه بعيد كل البعد عنها !