أزمة خلقتها مصر ، وبها ملأت الدنيا صياحاً وعويلاً بخصوص مشروع سد النهضة الاثيوبي، رغم وجود اتفاق بخصوص المشروع المذكور بين مصر واثيوبيا والسودان في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك ، وكان الاثيوبيون وما زلوا يرون ان مدة احتجازهم لكمية من المياه الفائضة التي سوف تنتهي في البحر تبلغ شهرين في موسم الامطار ، وهذه المدة لن تؤثر على مستوى تدفق النيل الى السودان ومصر..
كما ان هذه الكمية المحتجزة من النيل تكفي لسد حاجة اثيوبيا بلد المنبع من الطاقة الكهربائية التي تفيد اثيوبيا الفقيرة وترفع المستوى الاقتصادي والمعيشي لشعبها، علما ان السودان استفاد من عدة سدود في النيل الأزرق والنيل الأبيض بينما استفادت مصر من السد العالي وان بناء السد لن يؤثر على مصر او السودان.
واذا توقفنا عند تأثيرات الموضوع فنقول ان من تضرر من السدود هم الشعب النوبي الذي تأثرت أراضيه وتفرقت شعوبه وتشتت بسبب السد العالي المصري ، ولكن أنانية مصر تدفعها لتتصرف بطريقة وكأنها تريد كل شيء من النيل لها دون غيرها ولايهمها مصالح الآخرين من دول أو شعوب ، بل ان مصر الآن تملأ الدنيا عويلاً بمساعدة جامعة الدول العربية المصرية ورئيس قسمها أحمد ابو الغيط. والحقيقة ان الموضوع ليس سد النهضة الاثيوبي بل التغطية على مشاكل السيسي الداخلية وصرف الأنظار عما يجري داخل مصر وخلق قضية قومية ينشغلون بها بدلا من الاكتواء بنار المعيشة الصعبة لهم في كل شيء.
ان المتابع لحيثيات هذا الموضوع يدرك ان هناك اكثر من سبب وراء عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي خلال جولة المفاوضات الأخيرة التي استضافتها أديس أبابا . بل أن أطراف التفاوض الثلاثة، مصر والسودان وإثيوبيا لم تتمكن من الوصول إلى توافق حول التصرفات المائية المنطلقة من سد النهضة في الظروف الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق بسبب الاملاءات المصرية التي حاولت ان تجعل من القضية ” ظلماً ” وقع عليها.
بل ان مصر تدعي عدم وجود إجراءات واضحة من الجانب الإثيوبي للحفاظ على قدرة السد العالي على مواجهة الآثار المختلفة التى قد تنتج عن ملء وتشغيل سد النهضة خاصة إذا واكب ذلك فترة جفاف أو جفاف ممتد لعدة سنوات متتابعة.
الا ان الجانب الإثيوبي بتأكيد حق بلاده بناء السد وانتشال مواطنيه من الفقر بعكس ما يفعل السيسي الذي ضاعف معاناة مواطنيه وفقرهم . بل ان اثيوبيا نفسها تبني السد بطريقة لا تؤدي لإلحاق ضرر بالغ بدول المصب، بينما تحاول مصر السعي للسيطرة بمفردها على نهر النيل.
لقد أعلنت إثيوبيا انها تعتزم بدء التعبئة الأولية لخزان سد النهضة بعد 4 شهور، وأكدت بشكل واضح على لسان وزير خارجيتها عدم وجود أي قوة تستطيع أن تثني ارداتها عن استكمال بناء السد، لترسل بذلك رسالة تحدي واضحة لمصر ونظامها الضعيف والمتهالك.
وبذلك أثبت السيسي ان مراهنته على قضية سد النهضة لن تنجح لان ارادة الشعوب الحرة أقوى من مناوراته!