استيقض العالم يوم الاربعاء الماضي على جريمة نكراء تمثلت باغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة بعد إصابتها برصاصة في الرأس أودت بحياتها خلال تغطيتها اقتحام القوات الإسرائيلية لمدينة جنين، في حدث هز العالم.
وقد توالت ردود الافعال المستنكرة لهذه الجريمة التي رأت فيها استمراراً لسياسة البطش الاسرائيلي والتنكيل واستهداف الاصوات الشجاعة ، وتواصلت حملات التنديد والشجب لهذه العملية ، وأكدت بلادنا على موقفها المبدئي والمعهود بادانة اغتيال قوات الاحتلال الإسرائيلي، لشيرين بالقرب من مخيم جنين، واعتبرت ذلك جريمة شنيعة وانتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي وتعديًا سافرًا على حرية الإعلام والتعبير وحق الشعوب في الحصول على المعلومات. وفي الوقت الذي ندرك فيه أهمية ان يتحرك المجتمع الدولي لمنع سلطات الاحتلال من ارتكاب المزيد من الانتهاك لحرية التعبير ، واتخاذ كافة الإجراءات لوقف العنف ضد الفلسطينيين والعاملين في وسائل الإعلام، وضرورة حمايتهم ، فان هذه الجريمة وحدت المشاعر بين أوساط العالم رغم اختلاف دياناتهم وانتمائهم. فالرصاص الاسرائيلي لم يفرق بين مسلم ومسيحي وان هذه الاعلامية البطلة التي اظهرت حقيقة ما يجري في الارض المحتلة من جرائم اسرائيلية ممنهجة منذ عشرين عاماً قد كسبت هذا التعاطف العالمي في بين الأوساط المسلمة وغير المسلمة وهذا وحده يمثل ادانة لعدو غاشم محتل يستهدف الصوت الشجاع .
ان القانون الإنساني الدولي يعتبر الصحفيين والإعلاميين والأفراد الذين يقومون بمهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة عموماً هم مدنيون يجب حمايتهم ولهذا كله نجد ان الاعلام الحر يؤدي واجبه بشرف ومهنية ويجب ان يبقى بعيداً عن الاستهداف المجرم. رحلت شيرين ابو عاقلة آيقونة الاعلام الفلسطيني الشجاع والحر الذي ينقل الحقيقة لكن الجريمة ستظل ماثلة في الأذهان لتذكّر العالم بان العدو الغاصب والمحتل لايفرق بين دين وآخر وان التعاطف الكبير الذي رافق هذا الحدث لم ينسف ثوابت العقيدة لدينا كمسلمين نعتز بديننا لكننا لسنا متغافلين عن ديننا وعقيدتنا ، وحتى وان كانت ابو عاقلة نصرانية فان ذلك لايمنعنا كمسلمين من ان نثني عليها ، لان اختلاف الدين لم يمنع نبي الرحمة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام من مدح النجاشي ملك الحبشة ووصفه ب ” العدل ” قبل اسلامه رغم انه نصراني.
هذه الجريمة لن تنسينا فعل الجبناء الغادرين والمطبّعين الذين يتنكرون لقضيتنا ومقدساتنا. ولابد ان تأخذ العدالة مجراها في إجراء تحقيق فوري وشامل وشفاف وعادل ونزيه وضرورة ضمان المساءلة. نعم ، لن يمنعنا اختلاف الدين ان نحيي بطولة ابو عاقلة التي ضربت أروع مثال في الاقدام والشجاعة المهنية في نقل الحقيقة.