رفاهية بلا نكهة – زينب خشان

حُلم الأغلب في عصرنا المادي أن يحقق مصدر دخل عالي ومبالغ طائلة للحصول على الرفاهية في الحياة في شتى المجالات فيستمتع بحياته بركوب افخم السيارات والعيش في اوسع واجمل المنازل والسفر حول ارجاء العالم وتذوق أشهى المأكولات هذا وأكثر ولكن السؤال الذي يحتاج أن تطرحه على نفسك هل حقاً هذه النكهة الحقيقية للحياة ؟!  هل هذه السعادة المطلقة ؟؟ هل هكذا تسكُن نفسي وتستقر ؟ أم أنها نفسٌ ضائعة منهكة و مبعثرة تاهت بين كل هذا الزحام المادي الذي شوه صورتها وأضاع هُويتها ؟؟
هنا تحتاج أن تكون صادقاً مع نفسك هل حقاً أنت مدركٌ بذاتك ؟ هل أنت تعرفك !! هل تعرف مكنونات نفسك ؟ كيف تغضب ؟! كيف تفرح !؟كيف تُحب ؟!وكيف تُعبر عنها ؟ هل تعرف حقاً كل النكهات التي تعيشها في يومك ؟ الفرح الحزن السعادة الحماس الخيبة الغضب القلق السلام .. هل تدرك أزرار التحكم بها ؟! هل  تستطيع أن تستخدمها بكل كفاءة وفاعلية ؟! أم أنها أزرار رفاهية فقط دون اللجوء لها ؟ 
من أهم أبواب السعادة التي تغيب عن الكثير هي جودة العلاقة مع الذات وجودة العلاقة مع المقربين وعندما نتحدث عن الجودة فهنا نتحدث عن الاتقان و المصداقية و الشفافية و الديمومة و التطوير … لعله سيتبادر في ذهن القارئ أن هذه المعايير التي يتميز بها منتج معين أو شركة تحمل خط انتاج ولديها أرباح ومخاسر و رأس مال فما دخل الذات و الشعور بالسعادة بها؟!!
كل ما يدور خلال يومنا هي عملية بيع وشراء وان لم تكن تحمل المعنى الحرفي للكلمة لو وقفنا وتأملنا واقعنا في تفاعلاتنا اليومية سواء كان على الصعيد المهني أو حتى الصعيد الشخصي سنجد أننا ضمن عملية اقناع في تبني فكر معين أو ممارسة عمل ما أو حتى الاعراض عن امر مزعج فبالتالي كل هذه التفاعلات  مع الآخرين أو حتى مع أنفسنا تندرج تحت عملية التسويق الناجح للفكرة فاذا تشوهت الأفكار بالغش وعدم الصدق لم تكن ذات جودة عالية أو حتى أنها لن تحقق النتائج المطلوبة ، وإن تاهت الأفكار ضمن ازدحام العالم المادي سيضيع الفرد معها وسيتشتت بين ملذاتٍ لحظية سرعان ما أن تذوب وتتلاشى لِذَتها و ينطفئُ رونقها و بريقها .. فسَكن النفس يتحقق بتحقيق الاحتياجات الاساسية لها وليس فقط الاحتياجات المادية التي سَرقت العقول و الألباب و أفقدت الكثير الشعور بلذة العلاقة مع الذات و العلاقة مع الآخرين وافقدتهم الرغبة في الاستثمار الحقيقي بها و تطوير المهارات بطريقة التواصل و التفاعل مع العالم من حولهم فلم يعد يعرف المرء لماذا قام بمثل هذا الفعل أو لماذا سلك هذا الطريق فيقول بصوت مرتفع لنفسه ” لا أعرف ماذا حل بي ؟! لماذا أفشل ؟ والكثير من الأسئلة التي تعبر عن ضياع نفسه وعدم مقدرته علي تحديد محركاتها الحقيقية ..
ومما لا شك فيه أن جميع ما نعيشه في يومنا وما نقوم به من تفاعلنا مع واقعنا الخارجي محركه الدافع وهذا الدافع لا يتحرك عند الفرد إلا لتحقيق غايات و أمور يرغب بالحصول عليها لتلبي له حاجة معينة وهكذا هي العلاقات الانسانية فكل ما يدور خلالها يكون بمحركات تنجم عن دوافع وحاجات ومن هنا نتحدث عن أهم الأفكار في عملية التسويق وهي معرفة الحاجات لتحقيق الأرباح ففي حال تمت معرفة احتياج الطرف الآخر سيتم تقبلها و تلبيتها وسيتمكن الطرفان من بناء الجسور التي تقوي العلاقة وعندما يتمكن الفرد من معرفة احتياجاته الحقيقية سيتمكن من بناء الجسر الحقيقي بين روحه وجسده ليتصل بكل وعي مع عالمه الخارجي وعالمه الداخلي ويتمكن من أن يعيش حقاً بكل رفاهية حقيقية واعية تمكنه من استشعار لذة كل لحظة تمر في حياته بحلوها و مرها .
الرفاهية الحقيقة أن تدرك المعنى الحقيقي لوجودك أن تُعمر الأرض .
 
 

مستشارة تربوية وأسرية
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى