” طوفان الأقصى ” ليس كسابقه ، بل كان عملاً عسكرياً احترافياً خطط له ونفذ بإمتياز، ومن المؤكد ان قادة كتائب القسام العسكريين درسوا عمليتهم من كل الجوانب ابتداء من العمل التكتيكي وصولا للعمل الاستراتيجي ..
ونبدأ بعملهم التكتيكي لنقول ان كتائب القسام الشجاعة عملوا مقارنة القوى وامكانيات العدو وامكانياتهم وقاموا بتحليل منطقة العمليات من ناحية استخبارية وقدّروا مكان وزمان الهجوم وأخذوا في اعتباراتهم الطقس واتجاه الريح وضوء القمر وهو ما ساعدهم على الطيران الشراعي ومدى الرؤية الليلية ومواقع العدو المحصنة ونقاط ضعفها ..
لقد بدأوا بالهجوم الصامت مع الضوء الاول حتى حولوه الى هجوم صاخب على مستوطنات ومعسكرات العدو بهجوم قوات النخبة والمشاة تحت قصف صواريخهم وتغطية مدافعهم الهاون مما مكنهم من تنفيذ عمليتهم بنجاح وأسر وقتل مجموعات من العدو لم يسبق لها مثيل ..
وثم اكتمال صفحة العمل التكتيكي الهجومي الذي نجحوا فيهم ، أخذوا بالتحول الى الدفاع الثابت في غزة والدفاع المتحرك بالهجوم المضاد على المستوطنات والتحرك من جميع المدن الفلسطينية التي تتواجد بها قوات لهم ، وكان عملهم قد حقق هدفه وهو امتلاك زمام المبادرة في فترة اجازة العدو واستراحة أفراده..
لقد جعلوا العدو في حالة من الصدمة وأربكوا صفوفه وشتتوا أفكاره العسكرية ، بل وحتى السياسية وضربوا معنويات أفراده وجعلهم يعيشون الرعب والذعر في الملاجئ حتى الآن. أما هجومهم الاستراتيجي فقد تمثل في ضرب البنية السياسية التحتيه للعدو والدول الداعمة له ، والدليل التحرك السياسي الامريكي المرتبك وتحرك اكبر البارجات العسكرية في العالم لانقاذ اسرائيل من ورطة الخروج من المواجهة باندحار لا مثيل له في التاريخ!
واستمر المشهد في اسرائيل بالمزيد من الإرباك رافقه إجلاء الغرب لرعاياه ، وتوقف مطاراته وموانئه وخسارته الفادحة لمليارات الدولارات فضلاً عن تنامي حالة غضب وهيجان الشعب ضد الحكومة والمطالبه باستقالتها.
ليس هذا فقط ، بل خرج مستشار الأمن القومي الاسرائيلي على وسائل الاعلام ليعترف بخطأ تقديراته وحساباته بعدم قدرة حماس على القيام باي عمل عسكري ، بل ان هذا التقدير الخاطئ كشف رعب اسرائيل الحقيقي من القادم المجهول الذي ينتظرها .
أما لو تحرك فلسطينيو الداخل ، وفتحت جبهة جنوب لبنان وجبهة الجولان وحصل تحرك عربي واسلامي وفق
استراتيجة منظمة واضحة المعالم فان أشياء كثيرة يمكن ان تتغير ، ولو تم فتح جبهة الجوالان أو سوريا ، لأمكن بشار ان يكسب تعاطف الشارع العربي .
أما لو تم فتح جبهة الجنوب والمسيرات من اليمن ، وحصول تدخل من تركيا في حال تدخل الغرب ودخول روسيا على خط الدعم المباشر لكل الجبهات نكاية بانحياز أمريكا والغرب في حرب روسيا مع أوكرانيا ، فان مجرى الاحداث سيتغير أيضاً ويصبح الغرور الاسرائيلي الفارغ مجرد ” نمر من ورق ” !