قطر الإنسانية… شكراً – نافع حوري الظفيري


الدول ليست بالمساحة، أو كثرة السكان، إنما بالدور الذي تؤديه، وعلاقاتها الدولية القائمة على مناصرة الحق، ولهذا برزت دولة قطر لاعبا اقليميا دوليا مهما في العقدين الماضيين، خصوصا في ما يتعلق بحقوق الشعوب ومناصرتها، والمبادرات الجريئة.من هذا المبدأ كانت الدوحة في الفترة الماضية قطب الرحى في الحركة الدولية السياسية، وهي تعمل بالكثير من الجهد للتخفيف عن أهل غزة، وقد عبر أميرها الشيخ تميم بن حمد، في افتتاح مجلس الشورى، عن موقف مغاير لما عهدنها في مناسبات دولية اقليمية، اذ جعل الخطاب الاميري مناسبة للتعبير عن موقفها حين استهله بالقول: “مع أننا اعتدنا على التركيز في لقائي السنوي معكم على القضايا الداخلية، اسمحوا لي هذه المرة أن أبدأ بالأوضاع في فلسطين. فأشقاؤنا الفلسطينيون يعيشون ظروفاً عصيبةً تفوق التصور، ولا يجوز السكوت عن القصف الهمجي غير المسبوق الذي يتعرض له المدنيون في قطاع غزة، إحدى أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في العالم، ولا تجاهل الأعداد المهولة من ضحاياه الأبرياء من الأطفال والنساء”.عندما يستهل حاكم دولة خطابه في مناسبة رسمية بهذا النوع من الكلام، فانه يضع خطة طريق لما يمكن ان تعمل عليه كل مؤسسات دولته، ويضع اصبعه على الجرح عندما يقول: “لا نقبل الكيل بمكيالين، ولا التصرف وكأن حياة الأطفال الفلسطينيين لا تحسب، وكأنهم بلا وجوه ولا أسماء”.فانه بذلك يقول للدول المنحازة الى جانب اسرائيل لا تحدثوننا بعد اليوم عن حقوق الانسان فيما انتم ترون بعين واحدة، لاسيما انه قال بصريح العبارة : “ما يجري خطير للغاية، بما في ذلك الدوس على جميع القيم والأعراف والشرائع الدينية والدنيوية، وليس على القانون الدولي فقط، والتصريح الإسرائيلي العلني بالنوايا غير الشرعية مثل التهجير وغيره”.إن هذا الموقف الشجاع يعبر عن كل العرب، وليس عن القطريين فقط، لهذا صدق حين قال، ونحن نردد معه ايضا: “نحن نقول كفى. لا يجوز أن تمنح إسرائيل ضوءاً أخضر غير مشروط وإجازةً غير مقيدة بالقتل، ولا يجوز استمرار تجاهل واقع الاحتلال والحصار والاستيطان. ولا يفترض أن يسمح في عصرنا باستخدام قطع الماء ومنع الدواء والغذاء أسلحةً ضد شعب بأسره. نحن ندعو إلى وقفة جادة إقليمياً ودولياً أمام هذا التصعيد الخطير الذي نشهده والذي يهدد أمن المنطقة والعالم، وندعو إلى وقف هذه الحرب التي تجاوزت كل الحدود، وحقن الدماء وتجنيب المدنيين تبعات المواجهات العسكرية، والحيلولة دون اتساع دائرة الصراع”.لم تكتف قطر بالمواقف السياسية والاتصالات الدولية، بل انها عملت ايضا على جانب انساني تمثل باطلاق سراح بعض الاسرى المدنيين في غزة.قطر تستحق فعلا رفع العقال على مواقفها، والشكر الكثير، فهي تمارس اليوم احد اكبر الادوار الاقليمية والدولية لنصرة الحق والعدالة… فشكرا قطر.
*محامي وكاتب كويتي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى