المسافة صفر 🔻- أحمد القوبري

في الماضي عندما كان القتال يحدث بين الخصمين وجهاً لوجه أثناء المبارزة بالسيوف كانت (المسافة صفر) فيما بينهم وكان من ينتصر على الآخر هو الفارس الباسل الصنديد ، وكانت أبعد مسافة تكون بين طرفين هي المسافة بين من يقوم برمي السهام والنبال والرماح والطرف الآخر ، ومن ثم أنتهت حقبة معارك صليل السيف وصهيل الخيل وجاءت صناعة الأسلحة الحديثة والتي تكون فيها الاشتباكات بين الطرفين تقع من مسافة بعيدة ولا يهم إذا كان أحد أطرافها ضعيف او جبان ، وبعد ذلك لم تعد (المسافة صفر) موجودة في ثقافة القتال وفي عقيدة الحروب الحديثة .

لكن على أرض فلسطين فالأمر مختلف تماماً ، لأن (المسافة صفر) هي جزء طبيعي من النضال والصراع والمقاومة في وجه المُحّتل سواء في الفترة الماضية أو حتى هذا الوقت ، فالفلسطيني كان عندما يقاوم عدو الاحتلال فإنه يقف وبيده الحجر من (المسافة صفر) أمام الدبابة الإسرائيلية وهي بكامل ترسانتها ، واليوم بعد طوفان الأقصى فقد أصبح يلتحم بدبابة العدو الصهيوني التحام تام ويدمرها بعبوة ناسفة من (المسافة صفر) ، فالحاجة التي تغيرت بين الماضي والحاضر فقط هي (الأدوات) ، لقد تطور نوع السلاح من حجر الى عبوة ناسفة ، أمّا (المسافة صفر) فهي ثابته ولا يستطيع أن يُطبّقها إلا أبن الوطن المتجذر في هذه الأرض ، فهو يؤدي ما عليه من واجب ديني اولاً وثم واجب الدفاع عن الأرض وعن المقدسات بغض النظر عن النتيجة كيف تكون ولا تُعنيه ايضاً قوة العدو وحجم الجيوش ، فلا شك ان هذا البطل المقدام والمقاوم الهُمام لا يكترث بجبروت العدو وهو قد وصل الى عُمق (المسافة صفر) من العدو .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى