فإن الملائكة لم تضع سلاحها! – د. أسامة الأشقر

  1. امسَح الغبار عن بدنك وسرْجك، ولكن لا تغسل رأسك من وعثاء المرابطة، فإن الله لم يزل يأمر بالنهوض إليهم حيث كنّا، ولكل أرضٍ حسابٌ!
  2. إن الحرب لم تضع أوزارها عندهم بعدُ، وإنما انفتحت على فضاء جديد، وما زال الحصار مضروباً علينا، وما زال المحاصِرون همُ همُ، وهم الآن يتكسّبون من تجارة الكارثة، ويرفعون أسعار النقل، ويفرضون شروط الدخول، ويشاركونك رغم أنفك في كل ما يأتيك، وسيأخذون ثمن الإفراج عمّا يؤخرونه، ويُبدِعون ليسرقوا منك وأنت تسمع وترى وتسكت!
  3. يراهنون على تأخير إعادة الإعمار، ونفخ النار تحت الرماد، وإثقال كاهلك بالأيام التي لا تستطيع التقدّم فيها، وتزداد عليك كلفة إنجازها وانتظار سَعتِها.
  4. سيجعلونك قليل الحيلة، كثير التسخُّط، سريعَ الغضب، وسيدفعونك نحو الغضب الأحمق وسوء الظنّ وتوزيع الاتهامات، وسيغرقونك في إشاعات منقوعة، وسيمدّون لك لسانك لتسمّم روحك، وتغرز خناجر استيائك في ظلال مَن حولك!
  5. ولكن اعلموا أنّ وجع عدوّنا لا يقلّ عن وجعنا، وجرحَهم ليس أصغر من جرحنا، فقد كِدْنا كيداً عظيماً أَكَل منهم أكلاً، وألقمناهم حجراً كبيراً ما زال محشوراً في أفواههم التي تكسّرت أبوابها، ولا يجدون سبيلاً لخلاص أنفسهم إلا باستمرار الحملة علينا، وتشديد الحصار وقطع الأمل وحبس الأنفاس.
  6. وهم لا يريدون لجروحنا العميقة أن تندمل وتَطِيب، وسيُطَرُّونها كلما تهيّأت لليَباس، وسيبْذرون فيها بكتيريا الوجع الرطب، حتى يتعفّن الجرحُ ويأكل اللحم الصحيح من حوله.
  7. لقد هيّأتنا تلك الحرب الهائلة لحرب أقلّ منها شدّة وأخفّ منها طَرقة، لكنها ستكون قاسية طويلة أيضاً، فيها القليل المنقطع من اللطف والرحمة والكثير المستمر من الأذى والعذاب، وسياسة “الجرح المتعفِّن” ستنتشر فطريّاتها في كل رقعة نوجد فيها، فلا مجال لأحدٍ أن ينتظر وصول الدبابة إلى باب داره، فاقطع الطريق عليها قبل أن يتصل مَداها ويضرب عليك، فإن الحجر فوق الحجر بناءٌ.
  8. ما تقرؤونه هنا ليس تخويفاً ولا تحذيراً، بل هو بلاغٌ للعمل فوق الاستعداد، فلسنا الآن في مرحلة تنمية ولا طور استقرار، فالعدوّ إذا لم يرتِدع ويخاف بمزيد من التهديد وتوسيع دائرة المخاطر عليه فإنه لن يتوانى عن هدم كل أبنيتك، وإزهاق كل حياة تدبّ فيك، واستنزاف كل مواردك، وتخريب كل مصانعك، وليس أمامك إلا أن تفكّر في نمط حياتك القادم بعقل المهاجم لا المدافِع بتقليل كلفة البناء وتعزيز المرونة فيه وسرعة إيجاد البدائل المتحركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى