وسألني أحد الفضلاء: هل ثمة مثالٌ في التاريخ على مثال طوفان الأقصى في المفاجأة العظيمة، وقلب موازين الأمور، وشدّة الجراءة، وضخامة الحدث، ومبلغ التضحية، فقلت له:
- ألا ترى كيف ارتدّت قبائل العرب بعد وفاة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فلم يبق موضع في جزيرة العرب إلا ارتدّت قبائله عدا المدينة النبويّة، وجُواثا عبد القيس في الأحساء اليوم، وموضع في دومة الجندل مع الأصبغ بن عمرو الكلبيّ وأولاده.
- وفي غمرة هذه الحرب الأهليّة يقرر أبو بكر الصديق – أيّده الله- أن يفتح جبهتين عظيمتين مع أكبر قوتين في العالم القديم آنذاك: إمبراطورية بيزنطة، وإمبراطورية فارس.
- فأرسل أبو بكر أجناده إلى الشام، وافتتح المعارك الكبيرة في دمشق والسواحل وبصرى وحمص ونواحي حلب والأردن، وتابع الفاروق عمر -أيّده الله- سياسته بعده، وطرد أكثر الروم البيزنطيين من كل فلسطين وسوريا والأردن ولبنان، ووضع يده على الكنيسة الأمّ، وطهّر المسرى، كل ذلك في بضع سنين.
- وأرسل أبو بكر جيشه الآخر إلى العراق وفارس والجزيرة الفراتية فأنهوا الإمبراطورية الفارسية تماماً، ولم تقم لها قائمة، في بضع سنين.
- والعجيب أن أكثر من ارتدّ نفَرَ مع نداء أبي بكر لهم للقتال، وهم بين محتسبٍ وطامعٍ، فكانوا من جنود الفتح، بعد أن كانوا من جنود الردّة!
إنه طوفان أبي بكر الصدّيق يجدّد وقائعه اليوم، فافتحوا عيونكم -رحمكم الله- وأحسِنوا الظنّ بالله، وأعِدّوا !