لم تفاجئني حكمة وبصيرة وبعد نظر واتزان حضرة صاحب السمو الأمير المفدى حفظه الله ، فقد عاصرت الشيخ تميم حفظه الله منذ طفولته ، وأقسم بالله انني كنت أرى في سموه منذ تلك السنين روح القيادة وحسن التدبير في تصرفاته ولعبه وكلامه وتعامله . والله انني كنت أنظر فيه القيادة ، اذ لم يكن كغيره آنذاك من الأطفال العاديين حتى في لعبه او مزاحه مع الآخرين وكان تصرفه مثل الرجال الكبار ، في حديثه واحترامه للآخرين وعمق تفكيره ونبوغه المبكر في كل شيء وحتى في العابه . وعندما كان على منصة مجلس الشورى يلقي كلمته كنت أستعيد شريط الذكريات واتخيل ذلك الطفل المميز في حبه للناس.
ولهذا كله لم تفاجئني كلمة سموه في دور الانعقاد الثامن والأربعين لمجلس الشورى وما اشتملت عليه من محاور وإضاءات وتوجهات سامية تعود بالخير على قطر وشعبها الوفي . فكانت الكلمة شاملة مركزة على صمود بلادنا وانتصارها ووقوفها بوجه الحصار الظالم وهو يتهاوى في عامه الثالث وعلى القضايا التنموية والاقتصادية والشأن المحلي والعربي عموما مما يؤكد حرص سموه حفظه الله على رفاهية قطر وشعبها والمقيمين فيها خلال المرحلة القادمة.
لقد استعرض سموه نصره الله في كلمته السياستين الداخلية والخارجية وأهم منجزات الدولة ومشاريعها المستقبلية، إضافة إلى مواقفها من القضايا والتحديات الرئيسية التي تواجهها المنطقة.
والى جانب ذلك تناول مواقف قطر الثابتة تجاه القضايا العربية والإسلامية، والأهم من ذلك لمسنا حجم الثقة والشموخ في وصف الحصار الجائر للسنة الثالثة على التوالي، وهو يستمر بممارساته غير المشروعة، رغم تهاوي كل الادعاءات التي سيقت لتبريره. وجاءت كلمات سموه لتضفي المزيد من الطمأنينة عندما أكد سموه بان الفضل في نجاحنا، بعون الله، في احتواء معظم آثاره السلبية، يعود إلى نهجنا الهادئ والحازم في إدارة الأزمة، وكشف كافة الحقائق المتعلقة بها للعالم أجمع، وتمسكنا باستقلالية قرارنا السياسي، في مواجهة محاولة فرض الوصاية علينا، وكذلك تعزيز علاقاتنا الثنائية مع الدول الصديقة والحليفة.
لقد تناولت كلمة سمو أمير المجد وقفة شعبنا بشهامته المعهودة عندما وقف وقفة رجل واحد دفاعا عن سيادة وطنه ومبادئه، فهو يدرك أن التفريط باستقلالية القرار يقود إلى التفريط بالوطن نفسه وثرواته ومقدراته.
في وقت سجلت فيه قطر نجاحاً كبيراً تقر به العيون في استمرار مسيرتنا الوطنية، بخطوات واثقة في تنفيذ البرامج التنموية على النحو المرسوم لها وخاصة في انتاج الغاز .
أما الحصار الظالم فيكفي ان كلمة سمو الأمير قد عبرت عن ضمائرنا وخاطرنا اذ جدد سموه استعداد قطر منذ بدء الأزمة للحوار لحل الخلافات بين دول مجلس التعاون وفي إطار ميثاقه على أسس أربعة: الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، وعدم الإملاء في السياسة الخارجية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ، وهذه القراءة الحكيمة للأحداث تقطع الطريق أمام العابثين بمصالح الأمة ومراهقي السياسة الذين خربوا علاقات البيت الخليجي الواحد من خلال حصارهم وغدرهم ونيتهم المبيتة للشر .
فخورون بخطاب الاقتدار والإنتصار والحمد لله على نعمة قطر وأميرها الشجاع. عاشت قطر وشعبها وعاش تميم المجد.